تعيش الغرفة السفلى للبرلمان هذه الأيام حراكا غير مسبوق، خاصة من طرف أحزاب الموالاة التي تبحث عن عقد تحالفات لتمرير مشروع التعديل الدستوري المرتقب "في أريحية من أمرها"، ولمواجهة أحزاب المعارضة داخل المجلس الشعبي الوطني التي تعيش شبه تيه وهي تتساءل عن مصير الدستور. وحسب ما ذكرته مصادر نيابية ل«البلاد" فإن كلا من ممثلي أحزاب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة الشعبية الجزائرية، وتجمع أمل الجزائر، وحتى بعض النواب الأحرار، يبحثون فيما بينهم عن كيفية التوصل إلى تحالف "رئاسي وبرلماني" في مواجهة لأحزاب المعارضة رغم أقليتها في الغرفة السفلى للبرلمان. وحسب المصادر ذاتها فإن هدف التحالف يتمثل في تمرير التعديل الدستوري ب«أريحية" في حال تم تمريره على البرلمان بغرفتيه، بالإضافة إلى القيام بحملة شعبية واسعة تجوب مختلف أرجاء الوطن لشرح ودعم هذا المشروع سياسيا وشعبيا وإعلاميا في حال قرر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة تمريره باستفتاء شعبي. هذا، وتتجه أحزاب الموالاة أيضا نحو تشكيل تحالف جديد للرد على تحرك قوى المعارضة في الساحة السياسية، خاصة بعد رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة عيد النصر المصادف ل19 مارس، خاصة أن أحزاب الموالاة سبق لها وأن عقدت لقاءات ثنائية فيما بينها استعداد لإطلاق تحالف رئاسي جديد يشمل كل الأحزاب الداعمة والمساندة لبرنامج رئيس الجمهورية والمدافعة عن شرعيته، ويأت تحرك الموالاة في هذا السياق، في الوقت الذي تتحرك فيه قوى المعارضة في الميدان، واستعدادها لتحضير ندوة ثانية شهر أبريل القادم. ويرى متابعون للشأن السياسي أن الموالاة تسعى بهكذا تحالف إلى تعويض الفراغ الحاصل حاليا، عبر فتح المجال لجميع أحزاب الموالاة التي ساندت العهدة الرابعة للرئيس للمشاركة في الحكومة المقبلة. ويكشف هذا الحراك الحاصل داخل أحزاب الموالاة الستار عن مرحلة جديدة في الساحة السياسية ستعلب فيها أحزاب الموالاة دورا هاما في الدفاع عن الرئيس وعن الشرعية ضد قوى المعارضة، وهو ما يقرأه البعض على أنه بداية الاستجابة من طرف هذه الأحزاب لما جاء في رسالة الرئيس بخصوص أحزاب المعارضة "اعترتهم نزعة خطيرة إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة في مسعاهم إلى الوصول إلى حكم البلاد حتى ولو كان ذلك على أنقاض دولتنا وأشلاء شعبنا". للإشارة، فقد كان الرئيس بوتفليقة يتمتع منذ فبراير 2004 بدعم تحالف رئاسي سابق، ضم ثلاثة أحزاب سياسية هي جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، وكانت تشكل الحكومة، وساهم في مساندته في رئاسيات عامي 2004 و2009، وفي دعم مشروع المصالحة الوطنية عام 2005، وتعديل الدستور في نوفمبر 2008. مع العلم أن هذا التحالف تفكك في جانفي 2012، عندما أعلنت حركة مجتمع السلم انسحابها من هذا التحالف، ثم رفضها المشاركة في الحكومة بعد خسارتها لانتخابات التشريعية في ماي 2012.