في تحول نوعي وخطير اخترقت الجماعات المتطرفة التونسية أسوار الجامعات وحتى أسوار المعاهد الثانوية لتركز على استقطاب الطلبة والتلاميذ المتفوقين في اختصاصات علمية مثل الطب والفيزياء والكيمياء والهندسة الالكترونية وتجنيدهم في شبكات وخلايا تتولى بعد "إخضاعهم لعملية غسل دماغ" تسفيرهم إلى سوريا والعراق عبر تركيا للقتال في صفوف "داعش" ليستفيد من مهاراتهم في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت وصناعة المتفجرات ومداواة الجرحى. وأكد كاتب عام جمعية "مراقب" التونسي حبيب الراشدي أن حوالي 40 بالمئة من الذين يتم استقطابهم من قبل شبكات الجماعات الإرهابية في تونس هم من الطلبة والتلاميذ المتفوقين وتتراوح أعمارهم ما بين 17 و28 سنة، ويدرسون الاختصاصات العلمية مثل الطب والهندسة الالكترونية والكيمياء والفيزياء. وقال الراشدي إن تونس شهدت خلال الأشهر الماضية تحولا "نوعيا خطرا" في خصوص شبكات الإرهابيين"، مشددا على أن "أسوار الجامعات والمعاهد الثانوية اخترقها إرهاب جديد" يجند يوميا حوالي 80 طالبا وتلميذا من المتفوقين في دراساتهم العلمية من أجل استغلال مهاراتهم ومعارفهم في عمليات إرهابية نوعية. وتتطابق آراء رئيس جمعية "مراقب" مع طبيعة عناصر الخلايا الإرهابية التي فككتها الأجهزة الأمنية خلال الأشهر الأخيرة في الأحياء الشعبية المتاخمة للمدن، وفي عدد من الجهات الداخلية خاصة منها الواقعة جنوب البلاد مثل قفصة والقصرين ومدنين وتطاوين المحاذية للحدود الشرقية مع الجارة ليبيا. وقاد كشف الأجهزة الأمنية عن هويات عناصر تلك الخلايا أن الجماعات الإرهابية باتت تركز على تجنيد الطلبة والتلاميذ المتفوقين في اختصاصات علمية بعينها مثل الطب والفيزياء والكيمياء والهندسة الإعلامية والالكترونية ما بدا مؤشرا قويا على أن تونس "تشهد ظاهرة الإرهاب الجديد" الذي يسعى إلى الاستفادة من "المجندين" لا كمقاتلين وإنما كمقاتلين "جدد" قادرين على توظيف معرفهم في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعية واختراق بعض المواقع وصنع المتفجرات والأحزمة الناسفة. وكانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض في أكتوبر 2014 على طالبة بكلية الطب تدعى فاطمة الزواغي كانت تتولى الإشراف على الجناح الإعلامي لتنظيم أنصار الشريعة الذي يتزعمه سيف الله بن حسين الملقب بأبو عياض الذي يشرف حاليا على معسكرات تدريب في الصحراء الليبية. من ناحية أخرى، تواجه حكومة الحبيب الصيد الائتلافية بين علمانيين وإسلاميين موجة من الإضرابات والاحتجاجات ما انفكت تتصاعد نتيجة تردي الأوضاع المعيشية وتدهور المقدرة الشرائية لأغلب فئات المجتمع في وقت يتوصل فيه الإتحاد العام التونسي للشغل إلى اتفاق مع الحكومة بشأن الزيادة في أجور العمال والموظفين. ولا يخفي الخبراء أنه بعد أكثر من أربع سنوات على انتفاضة 14يناير 2011 والإطاحة بنظام الرئيس بن علي التي قامت ضد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لم يجن التونسيون من ثورتهم سوى المزيد من التفقير الحرمان والاحتقان الاجتماعيين وسط تخوفات من انزلاق البلاد إلى حالة من الغضب الشعبي قد يجتاح مختلف الجهات وخاصة من المحرومة.