مرت سنة على إعادة انتخاب بوتفليقة رئيسا للبلاد لولاية رابعة ، انتخابات حاطها الكثير من الجدل السياسي في الداخل ، ورمت فيها المعارضة بكل ثقلها ، لكن مرض الزعامة الذي أصحاب بعض القيادات في المعارضة أحبط كل محاولات توحيد جهودها في تلك الانتخابات، كما حاولت المعارضة اللعب على ملف صحة بوتفليقة الذي فاز بالولاية الرابعة "مقعدا" على كرسي متحرك. وبرغم ذلك لم تستسلم المعارضة بل حاولت جمع الشمل من خلال تنسيقية الانتقال الديمقراطي، ومثلما تبدأ التحالفات في الجزائر تنتهي بالتشتت دوما ، وهو ما كنت عليه نهاية كافة المحاولات التي قام بها عدد من القيادات السياسية التي فرقتها تارة الحسابات وتارة أخرى الإيديولوجيات ، وخلال السنة الأولى من العهدة الرابعة عملت السلطة على امتصاص الغضب وتجفيف منابع التوتر السياسي عندما فتحت جبهة تعديل الدستور الذي أسال الكثير من الحبر ، مقابل جبهات أخرى عملت عليها ، فقد عرفت السنة الأولى ارتفاع حدة الاحتجاجات في غرداية التي كادت أن تفجر الوضع في البلاد ، ومرت على السلطة أياما صعبة عندما تفجر غضب رجال الشرطة في شوارع العاصمة بدء من غرداية ، ورغم محاولات بعض التشكيلات السياسية المناوئة لبوتفليقة ركوب الموجة السياسية لهذه الاحتجاجات التي اشتدت وتيرتها ، قبل أن تتمكن السلطة من معالجة الأزمة على نوعيها تلك التي طالت بعض مناطق الجنوب بدء من غرداية والثانية التي أعقبت احتجاجات رجال الشرطة ودقت أبواب قصر المرادية. وفي خضم تلك الأحداث برزت أيضا قضية الغاز الصخري التي فجرت غضبا شعبيا واحتجاجات في الجنوب انطلاقا من عين صالح ،رغم سوء التسيير الإعلامي من طرف سوناطراك في تعاطيها مع المسألة إلا أن الحكومة تمكنت من اللعب على حبل الوقت تاركة المجال مفتوحا أمام الاحتجاجات التي أنهكها صمت الحكومة التي فضلت العمل على طي هذا الملف بعيدا عن الأعين إلى أن خفت الاحتجاجات في الجنوب. لكن سوء طالع السلطة خرج من رحمها هذه المرة أيضا ، فقد أصدر وزير التجارة تعليمة بتحرير بيع الخمور بالجملة ، وهو القرار الذي صدم المجتمع والرأي العام بصفة عامة ، فقد كاد أن يقلب الاستقرار الاجتماعي الهش الذي فجرته أيضا تلك التعديلات التي طالت مشروع قانون العقوبات في شقه الخاص بالأسرة ، تعديلات يرتقب أن تسقط من طرف مجلس الأمة ، فقد حث إجماع على نبذها والتنديد بها. وفي السنة الأولى من العهدة الرابعة فككت السلطة الكثير من القنابل الاجتماعية أبرزها إضراب نقابات عمال التربية الذي كاد أن يزج البلاد في متاهات تعصف بمستقبل المدرسة ، وظهر أن الوزير الأول عبد المالك سلال هو قائد سفينة السلطة الذي يتدخل في كل مرة لترجيح الكفة نحو الاستقرار، أما في الجانب الاقتصادي فإن السلطة خلال هذه السنة مرت بفترة حرجة عقب التراجع المثير لأسعار النفط ، رغم تدنيه إلى مستوى 50 دولارا فإن السلطة رفضت الإعلان عن أي إجراءات من شأنها التراجع عن السياسة الاجتماعية في دعم الفئات الاجتماعية والشباب ، فقد حافظت على وتيرة الاستثمارات العمومية ودعم قطاع السكن والتشغيل .