لم ترق مداخلات غالبية نواب المجلس الشعبي الوطني، بعد ظهر الخميس، إلى الجرأة المطلوبة في تقييم حصيلة الحكومة، وطغت المجاملات على تدخلات نواب الأرندي والمهادنة بالنسبة لجبهة التحرير والعمال. فيما برز نواب ''الإسلاميين'' و''المعارضة الديمقراطية'' أكثر تحررا من مواقف قوية مستغلين منبر البرلمان للمطالبة بتحرير الساحة السياسية في بلادنا. وألقى نواب الأرندي المكلفون بتجميل حصيلة الحكومة بثقلهم على المداخلات إلى جانب الوزير الأول وأمين عام الحزب أحمد أويحيى. وجاءت تدخلاتهم تباعا خجولة مترددة تخلو من الثقة في النفس، واكتفى غالبيتهم بترديد أفعال ''نشيد ونثمّن ونبارك''. وسار نواب التجمع وفق إستراتجية تم رسمها خلال الاجتماع مع أويحيى الأسبوع الماضي ويوم الأربعاء مع رئيس الكتلة النيابية، حيث تم تكليفهم بمهمة واحدة: الدفاع عن أويحيى وتشكيل حائط صد رفقة نواب حزب العمال الحليف الوفي للأرندي. ووفق قائمة المتدخلين، قام نواب الأرندي بتسجيل حضورهم في النقاش مع التركيز على الجلسة الأولى والجلسة الختامية، التي تضم القائمة آخر المتدخلين بن حليمة بوطويقة وصديق شهاب عضو المكتب الوطني للحزب، رفقة نور الدين بن نوار عن جبهة التحرير الوطني. وبعكس نواب الأرندي، جاءت تدخلات النواب الآخرين أقل مجاملة ولو أنهم كرروا الخطاب المطلبي وسرد المشاكل المحلية والتنمية، وساروا في توجه الوزير الأول أي عدم التطرق إلى المشاكل العميقة التي تواجه الجزائر والرهانات التي تواجهها والأطماع والتهديدات التي تتعرض لها. وانتقد النائب لخضر رابحي، من حركة مجتمع السلم، تأخر الحكومة في تقديم بيان سياستها العامة سنويا مثلما يقتضى الدستور ذلك. وطالب نائب آخر من الحزب الحكومة بالعمل على ضمان نجاح موسم الحج وعدم تكرار فضائح العام الماضي. ونادى نواب من حمس والأفلان بضرورة وضع آليات إضافية لوقف نهب الأموال ومراقبة الإنفاق على المستوى المحلي. فيما غرق نواب آخرون في المشاكل الخاصة بالتنمية الفلاحية وقطاعات السكن، واختلط الأمر على بعضهم وكأنهم أمام مناقشة قانون المالية. وتكررت المطالب التقليدية التي تتكرر كل مرة بالسكن والبطالة والنقل. وانتقد النائب عبد العزيز منصور الرسائل التي حملتها وثيقة الحصيلة ومنها إبراز مكافحة الإرهاب كعنوان كبير في الوثيقة عكس البيان السابق، حيث كان السبق للمصالحة الوطنية. وحيا النائب محمد قحش عن الجالية الجزائرية بالمهجر، قرار الحكومة بفصل القطاع عن وزارة التضامن وطالب بمراجعة تكاليف النقل بالخطوط الجوية وإرسال بعثة عسكرية سنوية إلى شمال أمريكا لمعالجة ملف الخدمة العسكرية. ورأى النائب عبد القادر فضالة ضرورة إرفاق قانون البلدية والولاية الجديد بإصلاحات قوانين الأحزاب والانتخابات. ''الأحزاب الصغيرة'' تصنع الاستثناء ولم يفوت نواب المعارضة والأحزاب الصغيرة مناسبة نزول الحكومة إلى المجلس لجلب الأضواء إليهم وكسر الروتين الذي طغى على النقاش وترجم في الملل الذي ظهر على وجوه الوزراء الذين غرقوا في قراءة تقاريرهم ووثائق لها صلة بقطاعاتهم. وكعادته، شدّ تدخل نورالدين آيت حمودة القيادي في الأرسيدي انتباه الجميع من خلال انتقاداته القوية المركزة، مشيرا بالكلام إلى أويحيى ''يبدو أننا لا نعيش في نفس الزمان والمكان''. وتحدث ممثل الأرسيدي عن فضائح الفساد في كل القطاعات والتضحية بالإطارات الصغيرة بدل المسؤولين الحقيقيين عن نهب المال العام. وطلب آيت حمودة تفسيرات لقرار سحب تسمية المجاهد بن يوسف بن خدة من جامعة الجزائر والشهيدة مليكة قايد من مؤسسة تعليمية بالحراش. واستعرض صورا تظهر استصغار أسماء كبار الشهداء في وسط العاصمة من خلال إطلاق أسمائهم على حاويات جمع القمامة. وانتقد ممثل التحالف الوطني الجمهوري، خالد بقطاش، إغلاق الحياة السياسة ومنع اعتماد أحزاب جديدة وهي الفكرة التي أثارها أيضا نائب من حركة الطبيعة والنمو الذي تساءل عن المفارقة بخصوص قيام الحكومة بالالتزام بأحكام الدستور الجزائري عبر تقديم بيان السياسة العامة لكنها لا تحترم الأحكام الخاصة بحرية إنشاء الأحزاب. وستتواصل المداخلات يومي الأحد والاثنين إلى ساعة متأخرة من الليل، فيما برمج رد الوزير الأول الخميس المقبل.