شكلت الزيادات الأخيرة التي استفاد منها النواب، بموجب الأمرية المتعلقة بتعديل القانون المتعلق بعضو البرلمان، فيما يتعلق برفع النقطة الاستدلالية، والذي رفع أجرهم إلى 30 مليون شهريا، حرجا كبيرا لنواب الشعب، لتزامنها مع الاستحقاقات الرئاسية القادمة، والترهل الخطير في أداء الهيئة التشريعية، مقابل الآلة القوية للتشريع بالمراسيم، والتي أعطت الانطباع بأن البرلمان باع دوره الرقابي ومن ثم هيبته لدى عموم الشعب. * وإذا كان النائب سعيد بوحجة، المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني، الذي يملك الأغلبية في الغرفة السفلى، قد بارك الزيادات في أجور النواب، واعتبرها امتدادا للسياسة الوطنية للأجور، التي مست كل شرائح الجزائريين على اختلاف مستويات مناصبهم، بمن فيهم إطارات الدولة، فإن كثيرا من النواب، لم يخفوا الحرج الذي وضعهم فيه قرار رئيس الجمهورية الأخير. * وفي محاولة للتخفيف وطأة هذا الحرج، تفهّم مسؤول بارز بمكتب عبد العزيز زياري ما يقال ويكتب عن النواب هذه الأيام، لكنه رفض أن يوضع النواب في كفة واحدة، "فهناك من النواب من يعجز حتى عن تقديم مداخلة وافية عند مناقشة مشروع قانون ما، بل إن هناك من النواب من لا يكلف نفسه، حتى عناء حضور الجلسات"، وبالتالي فمن الطبيعي القول إن هناك من النواب من لا يستحق أجر العامل البسيط، لكن بالمقابل هناك من يستحق أكثر من الأجر الحالي، يضيف نائب الرئيس. * ودعا المتحدث، في تصريح ل "الشروق اليومي"، الحكومة إلى سن قانون جديد للأحزاب، يشدد شروط الترشح لعضوية البرلمان، بما يمكن من الحفاظ على مستوى النائب عند مستوى يليق بمقام هذا المنصب السامي والمهم، على حد تعبيره. * * وتتفق الكتلة البرلمانية لحزب العمال، إلى حد كبير مع هذا الطرح، حيث نددت في بيان تلقت "الشروق" نسخة منه، بما وصفته "الزيادة المفرطة في أجور النواب"، وتساءلت عن الأسس والمقاييس، التي تم اعتمادها في رفع النقطة الاستدلالية من 5438 إلى 15505، والتي وصلت نسبة 300 بالمائة، ما يعني أنها تفوق الحد الأدنى للأجور بثلاثين مرة. * واعتبر حزب لويزة حنون موافقة النواب على هذه الزيادات "استفزازا في حق الشعب"، سيما إذا عدنا إلى قرار مناقض أقدم عليه ذات البرلمان، عندما رفض زيادة في الأجر الوطني الأدنى للأجر، إلى 25 ألف دينار، وهو مبلغ لا يزيد عن 7 بالمائة فقط، من الرواتب الجديدة للنواب. * ولا يختلف كثيرا موقف الكتلة السياسية لحركة النهضة، حيث قال النائب محمد حديبي في تصريح ل "الشروق"، إن قرار رفع أجور النواب، من شأنه أن يسيء إليهم، سيما في ظل تجريدهم من صلاحياتهم الدستورية. وطالب المتحدث بالمناسبة الحكومة بالإفراج عن القانون الأساسي للنائب، بما يمكنه من تفعيل الدور الرقابي للبرلمان، والذي يبقى برأيه معطلا إلى إشعار آخر. * وعلى عكس كل من سبق، بدا أحد النواب التسعة لزياري، ممثلا للارندي، أكثر ارتياحا واستغرب الترويج لقيم خيالية، وقال "كل التصريحات التي تتحدث عن وصول أجر النائب إلى 30 مليونا، مغرضة، الهدف منها المساس بسمعة ممثلي الشعب". * وأضاف "هم يتحدثون عن أجر خام"، وتابع "إن المبلغ الحقيقي الذي يستلمه النواب في نهاية كل شهر، لا يتعدى 21.5 مليون سنتيم فقط، بعد الاقتطاعات الضريبية والمساهمة في الضمان الاجتماعي". وردا على المنتقدين لهذه الزيادة، أعرب ذات المصدر عن سعادته لزيادة أخرى، ودعا ضمنيا الرافضين للقرار، في إشارة إلى حزب العمال، إلى التصدق بهذه الزيادات للمحتاجين، أو التبرع بها لمصالح الهلال الأحمر الجزائري.