حديث الوزير الأول أحمد أويحيى عن المخاطر المتوقعة في حال أي تدخل عسكري خارجي في منطقة الساحل يضع اليد على الجرح، وينبه إلى أسوأ المآلات المتوقعة، في حال تورطت حكومات المنطقة بإدخال قوات أجنبية إلى أراضيها لمحاربة من يسمون بالإرهابيين! فإذا كانت الدول الجارة لم تدرك بعد مخاطر أن يتحول الإرهابيون وقطاع الطرق إلى مجاهدين ورموز مقاومة وأبطال في حياتهم، وإلى شهداء بعد موتهم. فإن الجزائر قد خبرت جيدا هذه المخاطر طيلة أكثر من عشرية، كان عنوانها الأكثر بروزا تحول ميزان القيم وانقلاب المفاهيم في مجتمع، وجد نفسه أسيرا للغة العنف، والعنف وحده، ثم ماترتب عن ذلك من نزوع اجتماعي جارف إلى هذه اللغة، لغة القوة والعنف.الجزائر تدرك، من عمق التجربة، أن أهل الدار أعلم بكيفية إطفاء النار، لأنهم أعلم من غيرهم بمن أشعل هذه النار، أو النيران التي تحوّل البلد، أو المنطقة كلها، إلى ساحة حرب مفتوحة، يخسر فيها جميع أبناء المنطقة، ولا يربح أحدا، سوى أمراء الموت وسماسرة السلاح، بعضهم في الداخل..وأغلبهم في الخارج..! الغرب لا يرغب في مساعدة دول منطقة الساحل على الخروج من أزماتها ومداواة جروحها المترتبة أساسا عن مخلفات الاستعمار الغربي في هذه المنطقة، ولذلك يحرص عدد غير قليل من قادة الغرب على تحويل الاهتمامات والأولويات داخل دول الساحل، وغيرها في إفريقيا، ليتحول ''الفعل'' العسكري والشأن الأمني إلى الأولوية المطلقة، وهو ما يبحث عنه تجار السلاح، مع أن الوضع الطبيعي في هكذا ظروف أن يكون للتنمية وأنسنة أوضاع المعيشة الاهتمام الأكبر في برامج ساسة وحكومات إفريقيا الساحل.