تطرح مبادرة إعادة بعث حزب الفيس المحظور إلى الساحة السياسية مجددا، تحت ثوب جديد، هو الحزب الذي أعلن عن تأسيسه مدني مزراق الأمير السابق لما يعرف بالجيش الإسلامي للإنقاذ، المحل، تساؤلات عديدة يأتي على رأسها قدرة هذا الأخير على تحريك الخلايا النائمة لمناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإرجاع اللحمة لديها بعد سنوات عديدة من الشتات ... وأيضا من المحاولات اليائسة التي سبقه إليها قياديون آخرون، اصطدمت بمعطيات سياسية حكمت على الفيس بالبقاء بعيدا عن مسرح الأحداث منذ تاريخ صدور الحكم القضائي العسكري بحل أكبر قوة سياسية إسلامية في تاريخ الجزائر المستقلة، في منتصف سنة 1992! أحدث إعلان مدني مزراق، بتشكيل حزب سياسي جديد، الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ، شبه زلزال في الطبقة السياسية، خاصة في الظرف الحالي الذي يشهد مجموعة من التجاذبات تفرضها تحركات الأحزاب المعارضة ضد كل ما تقترحه السلطة من حلول واقتراحات للخروج من أزمة النفط، لاسيما في ظل التحفظ الكبير الذي يبديه العديد من الفاعلين من مشروع عودة الفيس إلى الساحة مجددا، وهو التوجه الذي اتخذت منه السلطة موقفا نهائيا منذ سنة 2005 تاريخ الإعلان عن محتوى ومضمون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أشار بشكل مباشر إلى عدم إمكانية كل الذين تورطوا في الأزمة الدموية التي شهدتها الجزائر في العشرية السابقة، مزاولة أي نشاط سياسي... فما الذي تغير في اللعبة يا ترى؟ وهل يملك مدني مزراق ضمانات من السلطة سمحت له بالإقدام على هكذا خطوة جريئة حسب البعض؟ وقبل ذلك هل يستطيع الأخير أن يوحد صفوف الفيس المشتتة من القاعدة إلى القمة؟ بعض العارفين والمطلعين بخبايا الحزب المحظور، ينظرون إلى هاته الخطوة الجديدة، بعين متشائمة ويقولون إن هذا المشروع ولد موؤودا، على خلفية مجموعة من الاعتبارات يأتي على رأسها كون صاحب المشروع، مدني مزراق، الذي كان يشرف على الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، لا يحظى بالثقة الكاملة لدى القيادات التاريخية في الفيس، كما أنه ليس برجل إجماع لديها، خاصة أنه رفض التنيسق معها خلال المفاوضات التي وقعت بين مسؤولي المؤسسة العسكرية والائياس، قبل الإعلان عن الهدنة في سنة 1997، مما جعله محل ريبة لدى العديد من القيادات التاريخية في الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تتهمه بمحاولة الانفراد والتمتع بما يسميه الأخير "نصرا" مع السلطة... وهذا على حساب مطالب أخرى، ترى فيها هاته الأطراف أنها مطالب شرعية وتاريخية، مثل إعادة الحقوق السياسية للفيس وتعويض مناضليه الذين تضرروا من الأزمة الأمنية ووو.. الغريب في خطوة مدني مزراق، حسب العديد من المتابعين، أنها لم تنل أي تغطية أو مباركة من الفاعلين الحاليين فيما تبقى من "القيادة التاريخية" للحزب المحظور، فلا علي بن حاج الذي اختار من المساجد واجهة لأغلب أنشطته السياسية ولا عباسي مدني القابع في قطر ولا رابح كبير "المستقيل" منذ مدة من السياسة، عبروا عن موقفهم الحقيقي حيال هاته المبادرة، وهو توجه يعطي الانطباع، مجددا، أن مدني مزراق يكون قد قرر الخروج بهذا المشروع السياسي الجديد، دون استشارة هاته الأطراف ودون التنسيق معها، وبالتالي التموقع في الساحة السياسية، بعيدا عن جذوره الحقيقية... وهي النقطة التي من شأنها أن تضعف كل الاحتمالات المتعلقة بإعادة بعث بقايا الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة... كما يتصور مدني مزراق.