على إثر إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إصلاحات سياسية من شأنها فتح المجال السياسي والإعلامي، سارعت العديد من الشخصيات السياسية والحزبية، إلى التحضير لتأسيس أحزاب سياسية ومن هؤلاء الأمين العام الأسبق لحزب التجديد الجزائري جيلالي سفيان وعبد المجيد مناصرة المنشق عن حركة مجتمع السلم، ولكن جماعة »الفيس« المحل التي تحاول استغلال الانفتاح المرتقب للعودة إلى الحياة السياسية. علمت »صوت الأحرار«، من مصادر مطلعة أن إطارات سابقة في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، يسعون جاهدين للملمة شتات منتسبي الحزب المحل قصد التحضير للإعلان عن حزب سياسي، يمكنهم من استرجاع ما يسمونه حقهم في ممارسة العمل السياسي، وفي هذا الإطار قالت مصادرنا أن الأمير الجهوي للغرب السابق لما يسمى بالجيش الإسلامي للانقاد أحمد بن عائشة، شرع في جمع توقيعات من مناضلي وإطارات الحزب المحل تحضيرا لمراسلة رئيس الجمهورية، طلبا لرفع »الحظر السياسي« عن مناضلي الجبهة الإسلامية المحظورة، وتشير ذات المصادر إلى أن عدد الموقعين إلى حد الآن بلغ نحو 600 إطار ومناضل سابق في الفيس المحل، غير أن هذه الخطوة التي أقدم عليها بن عائشة، لم ترق جماعة الأمير الوطني لما كان يسمى سابقا »الجيش الإسلامي للإنقاذ«، مدني مزراق، التي ترى أن الخيار الأمثل هو الذهاب مباشرة إلى الإعلان عن حزب سياسي جديد وإيداع طلب الاعتماد وفق ما ينص عليه القانون، ويستند أصحاب هذا الطرح، على بنود قانون الوئام المدني، الذي أعقب اتفاق الهدنة الموقع بين ما يسمى الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل والمؤسسة العسكرية، حيث لم تنص بنود الاتفاق ولا قانون الوئام على منع هؤلاء من النشاط السياسي، ويحاول هؤلاء تحاشي الرجوع إلى قانون المصالحة الوطنية الذي تمنع بنوده العمل السياسي على كل من تورط في المأساة الوطنية، ويقولون أن جماعة »الفيس« المحل، معنية بقانون الوئام في حين المصالحة موجهة لكافة ضحايا المأساة الوطنية. من جهته كان وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، قد سبق المسألة غداة الإعلان عن الإصلاحات، حيث حسم الأمر من تلمسان مؤكدا أن »العودة إلى تسعينيات القرن الماضي غير واردة على الإطلاق« في إشارة إلى الحزب المحل، مضيفا أن قانون الأحزاب القادم سيكون أكثر تشددا من حيث الشروط قصد ضبط الساحة السياسية وتنظيمها. وبرأي المصادر التي أوردت الخبر، فإن التحديات التي تواجه جماعة »الفيس« المحل، لا تقتصر على الشروط المرتقبة في قانون الأحزاب القادم، ولا عند ميثاق المصالحة الوطنية، بل تتجاوزها أيضا إلى الخلافات الحادة بين مختلف تيارات الحزب المحل، حيث تشير معطيات إلى خلافات بين أحمد بن عائشة ومدني مزراق، حول أولويات المرحلة، وكيفية العمل والأدوات المتاحة، إذ تميل جماعة بن عائشة إلى تحاشي الاصطدام، على اعتبار أن العمل السياسي ليس أولوية آنية لبقايا الجبهة الإسلامية المحلة، وهو الطرح الذي ينسجم مع المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام عن سعي جماعة الشيخ سحنون إلى تأسيس جمعية خيرية دعوية بعيدة عن المجال السياسي. فيما تسعى جماعة أخرى كانت تنتسب إلى الجبهة المحظورة إلى إعادة ما كان يعرف مطلع تسعينيات القرن الماضي ب»النقابة الإسلامية للعمل«، كشكل من أشكال العودة للنشاط العمومي، وفي ظل تعدد المبادرات بين مختلف التيارات المشكلة للحزب المحل، تؤكد مصادرنا أن الخلافات عميقة بسبب الأولويات والأهداف وأدوات العمل. ومعلوم أن مدني مزراق، الأكثر تحمسا لتأسيس حزب سياسي جديد، يجمع أنصار الفيس المحظور بحكم قضائي، وقد يواجه هذا المسعى معارضة شرسة من قبل ضحايا المأساة الوطنية، ويعتقد قطاع واسع من الطبقة السياسية أن الظرف غير مناسب للسماح لأنصار الحزب المحل بالعودة إلى النشاط السياسي والعمومي لكون جروح الجزائريين لم تندمل بعد.