مخاض جديد في صفوف الإسلاميين اهتمام إعلامي "مفاجئ" بقيادات الحزب المحل أنس.ج بوشرت اتصالات مكثفة في أوساط الجبهة الإسلامية للإنقاذ من أجل إعادة تنظيم الصفوف وبحث المستقبل السياسي لأبناء الجبهة في ظل التطورات والمستجدات الوطنية والإقليمية، والتي تحمل في طياتها بذور تغييرات وتحولات لا بد من التفاعل معها. ولمست مصادر "البلاد" حالة من الحراك والمخاض سواء في صفوف الفيس أو في طريقة تعامل السلطة مع هذا الملف، أو في الاهتمام الإعلامي المفاجئ بقيادات الجبهة، واضعة كل هذه المعطيات في سلة الانتخابات الرئاسية المقبلة والتجاذبات التي تطبعها، إذ يريد الجميع فهم موقع الفيس وما يمثل في المعادلات السياسية القادمة، خاصة أن الحديث عن الحزب المحل يعود دائما مع هذا الاستحقاق المهم، لما له من وعاء جماهيري يخطب وده كثير من المرشحين. ورغم أن هذا النقاش لم يخرج بعد من داخل أجنحة الفيس المختلفة، حيث لم تتبلور الأفكار بشكل رسمي، غير أن ما يحدث يؤشر على "أمر ما" يحضر للفيس من أجل إعادة إدماجه، ولو بطريقة أخرى في الحياة الوطنية الجزائرية، خاصة أن قيادات مهمة في الجبهة أبدت رغبتها في العودة إلى العمل السياسي وفق ما تقتضيه قوانين الجمهورية من نبذ للعنف والخطاب المتطرف، والالتزام بقواعد اللعبة التي تنظم الساحة. يذكر أن الفيس ينقسم الآن إلى عدة أجنحة وتيارات، فناهيك عن عباس مدني الذي فضل المنفى الاختياري وعلي بلحاج، تبرز جماعة "الشيوخ التاريخيين" وهم ڤمازي وعلي جدي وبوخمخم، وهي من أقوى الأجنحة وأكثرها قبولا عند المناضلين، كما ينشط جناح الإطارات الوسطى ورؤساء البلديات، وهم قياديون محليون تورط بعضهم في العمل المسلح ونأى آخرون عنه، وكان لهؤلاء عدة محاولات ومبادرات فردية، خاصة مسألة التنسيق مع الأحزاب العاملة حاليا في الانتخابات والتحالفات، بينما توقف رابح كبير رئيس الهيئة التنفيذية للحزب بالخارج وجماعته عن النشاط لعدة سنوات بعد أن لمس رفضا قاطعا من السلطة لمشروع تأسيس الحزب. وفي هذا السياق علمت "البلاد" أن مقربين من فلك السلطة دخلوا في اتصالات متقدمة مع أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ "الأيياس" المحل، مدني مزراڤ، للتجاوب مع مساعيه لتأسيس جمعية ينشط من خلالها ولو في الإطار غير السياسي، وهي كما تقول مصادرنا خطوة مهمة لإعادة بناء جسور الثقة مع مناضلي الفيس، ولمعرفة طريقة تعاملهم مع الحياة الاجتماعية، وقد تكون مقدمة لا مفر منها للانتقال إلى الشق السياسي مستقبلا. وينصح الكثير من المراقبين السلطة باستيعاب بعض أجنحة الفيس وإدماجها في الحياة السياسية، خاصة التي تنبذ العنف، بحكم أن هؤلاء في النهاية جزائريون ولن تبلتعهم الأرض، حيث سينشطون سياسيا، سواء داخل الأطر القانونية، وإن منعوا فمن خارجها، خصوصا في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الدولة الجزائرية والمجتمع الجزائري، والتي تتطلب الكثير من الدراية والحنكة السياسية للتعامل معها، حيث دخلت الجزائر في مخاض إقليمي جراء ما يحدث في مالي، لم تعرف بعد أبعاده، ويتطلب تحصين الجبهة الداخلية وهذا لن يكون إلا بإصلاحات أكثر جرأة وبترقية مسار المصالحة الوطنية.