يرى عدد من المراقبين والمتتبعين للشأن السياسي، بأن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني قد مارس "الارتجال السياسي" عندما صرح بأن الأفلان سيكون له مرشح خاص به في رئاسيات 2019 رغم أن هذا الموعد الانتخابي الهام ما يزال يفصل البلاد عنه بنحو 3 سنوات و6 أشهر بالتمام والكمال. ورغم أن سعداني لم يفسر ما كان يقصده بهذا التصريح "الجريء" غير أنه وفي قراءة أولية لخرجة رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق تفهم على أن كلام الرجل الثاني في الحزب العتيد بعد رئيسه عبد العزيز بوتفليقة يبدو أنه موجه لأحمد أويحيى وزير الدولة مدير ديوان الرئيس والأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، كون سي أحمد كما يحلو لمقربيه رفض مبادرة سعداني، رغم أنه بنظر المراقبين كان أكثر ذكاء منه، عندما جمع المكتب الوطني لحزبه وناقش مبادرته، وخرج في الأخير بقرار الرفض وبإجماع الأعضاء، خلافا لأمين عام الجبهة الذي رفض مبادرة أويحيى الخاصة ببعث التحالف قبل حتى أن ينصب أعضاء المكتب السياسي لحزبه، مما فسر على أنه موقف فردي من أمين عام أكبر تشكيلة سياسية بالجزائر تستهدف العودة القوية التي كان يسعى لها أويحيى. وبالتالي، منافسة سعداني في تصدر المشهد السياسي الذي حاز عليه بكل جدارة منذ توليه زمام الجبهة وبقول سعداني إن الأفلان سيكون له مرشح في رئاسيات 2019 يعني أنه بطريقة مباشرة قال لأويحيى إنك لن تكون مرشحنا في الاستحقاق القادم، وهو ما يعني بأن سعداني يسير نحو التصعيد مع مدير ديوان الرئيس وخليفة عبد القادر بن صالح على رأس الأرندي، وما يزيد من قوة هذا التحليل أن سعداني وصف حزب التجمع الوطني الديمقراطي بحزب من عشرات الأحزاب في "تصغير" واضح وصريح لحجم ثاني قوة سياسية بالبلاد. وكشفت مصادر موثوقة ل«البلاد" عن أن الأمين العام للجبهة لم يستشر رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة عندما قال إن الحزب سيكون له مرشح سنة 2019. وأردف ذات المصدر بأن كلام الأمين العام للأفلان عن مسألة الرئاسيات وفي هذا التوقيت المبكر جدا من شأنه أن يضفي ضغوطا على رئيس الحزب هو ليس في حاجة إليها الآن، خاصة أن المعارضة تترصد لكل ما يقوله سعداني بهذا الخصوص، زيادة على هذا فإن كلام خليفة بلخادم وبثه في مسألة الرئاسيات بهذه الطريقة الارتجالية دون العودة للمؤسسات المنتخبة للحزب ممثلة في أعضاء اللجنة المركزية، ولا حتى استشارة رئيس الحزب، من شأنه أن يؤدي بنتائج عكسية ليست في صالح الرجل، وتساءل مصدر مطلع في حديثه ل«البلاد" ماذا لو قرر الرئيس بوتفليقة عدم الترشح لرئاسيات 2019 وقرر دعم شخصية أخرى من خارج الحزب؟ هل يمكن لسعداني أن يقول لا لرئيس الأفلان؟ واستطرد ذات المصدر ربما سعداني لديه طموح كي يترشح لرئاسيات 2019؟ لكن ما أدراه أنه سيبقى الأمين العام للحزب حتى تلك الفترة. وكان أحمد أويحيى قد أمر جميع قيادات الحزب بعدم الرد على أي تصريح يصدر من الأمين العام لحزب الأفلان بعد رفض ثاني تشكيلة سياسية لمبادرة التشكيلة الأولى، وقال أويحيى لقيادات الحزب حسب مصدر مطلع بأن مبادرة سعداني فردية ولم يستشر فيها رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة ولو كانت مبادرة رئيس الحزب لوافقنا عليها ولساندناها بكل قوة.