أصبحت الجزائر وللأسف تحتل مرتبة متقدمة في قائمة الدول العربية التي تعاني من هته الظاهرة، حيث تشير إحصائيات منظمة الأممالمتحدة للطفولة – اليونيسف – إلى أن الجزائر سجّلت من سنة 2001 إلى سنة 2012 أكثر من 900 حالة خطف لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 4 و16 عاماً، منهم مائتي حالة فقط خلال العامين الماضيين. وسجلت في هذا الإطار مصالح الأمن منذ مطلع السنة الجارية؛ 52 حالة اختطاف للأطفال بينهم 22 طفلا تعرضوا للقتل وتشكل نسبة الإناث حوالي 75 بالمائة من عمليات الاختطاف، كما تم تسجيل 195 حالة اختطاف للأطفال بينهم 143 بنات و53 ذكور في العام الماضي، لتصبح الحصيلة منذ سنة 2014 إلى غاية شهر جويلية 2015، 247 طفل مختطف. أرقام وإحصائيات جعلت العائلات الجزائرية تعيش كابوسا يوميا بسبب الخوف من أن تمس هته الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا فلذات أكبادهم. آخرها اختطاف الطفل أمين باريشان من دالي ابراهيم الذي تم تحريره من طرف قوات الدرك الوطني فجر اليوم بالحراش. أهم حالات الاختطاف في الآونة الأخير: لغز وفاة الطفل أنيس بورجم: ومن أهم هته الحالات التي حدثت في سنة 2015 اختفاء الطفل أنيس بورجم ذو الخمس سنوات في شلغوم العيد بولاية ميلة، حيث تعود حيثيات القضية إلى تاريخ 15 سبتمبر أين أعلنت عائلة الطفل اختفاء ابنها الذي كان يلعب بجوار بيت جده، وبعد التحريات والبحث المضني تم العثور على جثة الطفل على بعد 150 مترا عن المنزل إثر عملية "بحث واسعة" للمنطقة، ولم تعرف أسباب وفاة الضحية خاصة وأن نتائج عملية تشريح الجثة لم تبين وجود آثار لعنف أو كسور. اختفاء الغامص للطفل رحماني صلاح: صلاح صاحب ال 13 سنة الذي غاب عن عائلته بتاريخ 1 ماي 2015، بعد توجه هذا الأخير إلى السوق الأسبوعي بالخروب حاملا معه قفص عصفوره الذي أراد بيعه ولكنه لم يعد إلى البيت، ما جعل الكل يرجح بأنه اختطف. وقد تلقت عائلة رحماني تضامن كبيرا معها لاسيما وأنها تلقت أنباء تفيد بتواجده بمدينة عنابة عن طريق اتصال هاتفي، ما جعل سكان بلدية أولاد رحمون يتوجهون ومباشرة إلى عنابة بحثا عن الطفل صلاح لكن العملية لم تثمر بالنجاح وعادوا خائبين فيما نشروا صور لصلاح الضائع في جميع الأماكن ومواقع التواصل الاجتماعي لعلا وعسى أن يساهم ذلك في ايجاد وفك لغز اختفاء الطفل الذي يبلغ من العمر كما أشرنا إليه سابقا. عندما يقتل الأب فلذة كبده: أنس عبد الرحيم قرين طفل ذو السنتين، اكتشفت جثته منهوشة ومقطوعة الأرجل من طرف راع الذي قامبتبليغ الدرك الوطني، وتعود حادثة اختفاء الطفل أنس، يوم أن قام والده باصطحابه معه في آخر زيارة معه، باعتبار أنّ والديه منفصلين، وقد كان من المفروض أن يعيد الأب أنس إلى منزل الأم، وبعد نهاية الوقت المحدد للزيارة وعدم رجوع الطفل إلى منزل الأم، قامت المعنية بإيداع شكوى لدى مصالح الأمن بالعلمة تفيد باختفاء ابنها وعدم رجوعه إلى البيت، لتقوم من جهتها مصالح الدرك الوطني بالتحريات والتحقيقات حول الحادثة في سرية تامة، واستدعاء الأب للتحقيق معه حول ملابسات الجريمة، الذي ادعى في أول الأمر أنه ترك الابن أمام باب المنزل بسبب عدم التفاهم مع الأم، ولكن بعد عثور الدرك الوطني في تحقيقاتها على قرائن ودلائل تشير إلى أن والد الطفل هو الجاني، وبعد مواجهة الوالد بالأدلة والبراهين؛ اعترف هذا الأخير باقترافه للجريمة البشعة التي راحت ضحيتها البراءة التي جعل منها أداة لإفراغ مشاعر الحقد والإنتقام بعدما أن تجرد من صفات الإنسانية والرحمة. طفل بريء محل تصفية حسابات مالية: قامت مصالح الدرك الوطني بتحرير ياريشان أمين الذي لا يتعدى عمره 8 سنوات من قبضة عصابة كانت تحتجزه في فيلا مشمعة بالحراش، هذا الطفل البريء الذي أُقحم رغم عن نفسه في قضية تصفية حسابات بين والده وأحد شركائه، هذا الشريك صديق العائلة الذي يعتبره أمين في مقام عمه، قام باختطافه واستغلاله لطلب فدية مالية مع والده تعويضا للأموال العالقة بينهما. أسباب نفسية ومادية وراء انتهاك براءة الأطفال في الجزائر: أخذت ظاهرت الإختطاف الأطفال في الجزائر منحى تصاعدي، خاصة فيما يخص المدن الكبرى، على غرار عنابة، العاصمة، قسنطينة ووهران، وتيزي وزو والتي تبقى الأسباب من ورائها متعددة وكثيرة، وفي مقدمتها الاعتداءات الجنسية، تصفية الحسابات، الحصول على مبالغ مالية من عائلات المختطفين، .. إلخ. فظاهرة اختطاف الأطفال كانت ولا تزال من الطابوهات التي تلقى صدى كبيرا في الجزائر، وبالرغم من تسجيل عدد من قضايا الاختطاف لدى مصالح الأمن، إلا أنها لا تعكس عدد الحالات الحقيقية لحالات الاختطاف، وهو الأمر الذي يتطلب استيقاظا مدنيا للحد من الظاهرة بدل السكوت عنها، ووجوب تدخل ردعي للوصاية في مقدمتها الجمعيات التي تتغنى بالدفاع عن حقوق الأطفال. فغياب الوازع الديني، وعدم ردعية قوة القانون، جعل من من تسول له نفسه المساس بالبراءة واستغلالها لمختلف لإشباع النزواة الجسدية والأطماع النفسية، مما دفع الشارع الجزائري للتحرك ومطالبة السلطات العليا بضرورة تنفيذ أقصى العقوبات تصل إلى القصاص ضد هؤلاء المجرمين الذين نكلوا بجثث الأطفال الأبرياء. وفي الأخير، يجب على الجميع التحلي بروح المسؤولية لمواجهة هته الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا، فعلى الأباء السهر على رعاية ومراقبة أبنائهم، وعلى الأئمة والوعاض التحذير من العقاب اللرباني لمرتكبي الجريمة، وعلى المربين والمعلمين القيام بدورهم التربوي من أجل اخراج جيل صالح يعرف حقوقه ويؤدي واجباته، وعلى المسؤولين اتخاذ التدابير اللاّزمة لحماية المجتمع من استفحال الآفات والحد منها، وعلى القضاة تسليط أقصى العقبات لمرتكبي الجريمة حتى يكونوا عبرة للآخرين.