يبدو أن هتافات جمهور نادي برشلونة الإسباني في المباريات والداعية لاستقلال إقليم كاتالونيا (شمال شرقي إسبانيا) تتحول لواقع بعد تبني برلمان الإقليم قرارا لإعداد خريطة طريق تهدف للاستقلال عن إسبانيا بحلول العام 2017. وتجاوز الجمهور الهتافات إلى رفع نحو عشرين ألف علم لإقليم كاتالونيا في مباراته الأخيرة أمام فريق باتي بويسوف البيلاروسي في دوري أبطال أوروبا، مما دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) -حسب صحيفة آس الإسبانية- لدراسة فرض عقوبات مغلظة على "البلوغرانا"، قد تصل إلى خصم نقاط من رصيده أو حتى الاستبعاد من دوري الأبطال. وكان "ويفا" غرّم البرسا مرتين ب30 ألفا و40 ألف يورو بسبب رفع الجماهير لهذه الأعلام في البطولة نفسها العام الماضي. نأي بالنفس ولا يعرف القارئ والمشاهد العربي "كاتالونيا" إلا من خلال برشلونة، وهو بات يسأل عن مصير مشاركته بالليغا في حال استقل الإقليم فعليا، وسبق انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي سيل من التحذيرات وجهت للإقليم. رئيس الرابطة الإسبانية لكرة القدم خافيير تيباس أكد أن فريقي برشلونة وإسبانيول لن يلعبا مجددا فى الليغا. وقال -في مقابلة تلفزيونية- إن "القوانين الحالية في إسبانيا تمنع مشاركة فرق من دولة أخرى في المسابقات المحلية، باستثناء أندورا (بلد صغير بين إسبانيا وفرنسا)". أما وزير الرياضة الإسباني، ميغيل كاردينال، فذهب بتهديده أكثر وقال إن "الاستبعاد من الدوري يؤثر بشكل سلبي على فرق كاتالونيا، فبرشلونة يتعرض للكثير من المصاعب الرياضية والمادية". وأضاف "لا أقول هذا الكلام بغرض تخويف عشاق برشلونة، لكن هذا هو الواقع الذي نحن أمامه الآن". وتابع أن "البرسا سيتحول إلى فريق يُخرج لاعبين مميزين لكبار أوروبا، ويصل لدور ال16 في دوري الأبطال إذا واصل مسيرته فيها، على غرار أياكس الهولندي وسلتيك الأسكتلندي". ووسط كل هذا التخويف والتكهنات، نأى رئيس نادي برشلونة، جوزيه ماريا بارتوميو، بنفسه عن هذه المواضيع الشائكة، وأعلن امتناع النادي عن المشاركة في الحملة الانتخابية لاستقلال كاتالونيا، مشيرا إلى رغبته في الابتعاد عن الأمور السياسية. الخاسر الأكبر وتثار عدة أسئلة حول مستقبل "البلوغرانا" خصوصا وكرة القدم الإسبانية عموما، من الخاسر الأكبر من استقلال كاتالونيا؟ برشلونة أم أحد طرفي "الكلاسيكو"، ريال مدريد، أم الليغا، أم منتخب إسبانيا؟ الأجوبة على هذه الأسئلة تتلخص في النقاط التالية: - كاتالونيا التي تعد أغنى منطقة في إسبانيا وثاني أكثر المناطق كثافة سكانية، عليها أن تنشئ بطولة كروية خاصة بها، وستكون ضعيفة جدا، حيث تضم إضافة لبرشلونة نادي إسبانيول وفرقا مغمورة. - برشلونة هو النادي الأول بالعالم من حيث العائدات، حيث يجني الفريق نحو ستمائة مليون يورو سنويا، إلا أنه حال استقلال كاتالونيا سيخسر 160 مليونا من عائدات البث التلفزيوني و116 مليونا من عائدات بيع تذاكر المباريات و56 مليونا من عائدات الفوز بدوري الأبطال. - لن يستطيع البرسا المحافظة على نجومه الذين لن يوافقوا على اللعب "بالدوري الكاتالوني" إضافة إلى عدم استطاعة البرسا دفع رواتب هؤلاء التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. - "كلاسيكو الأرض" يفتقد أحد طرفيه، ويخسر برشلونة ملايين الدولارات التي تدرها عليه هذه المباراة مع الخصم اللدود ريال مدريد. - انفصال كاتالونيا سيطرح عدة أسئلة، أبرزها: هل ستخرج من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؟ هل تسقط الجنسية الإسبانية عن اللاعبين الكاتالونيين (خمسة منهم بالمنتخب)؟ هل يُمنعون من تمثيل منتخب إسبانيا في البطولات الأوروبية والدولية؟ هل يعاملون لاعبين أجانب؟ هل يواجه هؤلاء مصير لاعبي الاتحاد السوفياتي السابق؟ أسلحة برشلونة ويتسلح برشلونة -حسب المراقبين- بعدة خيارات قد تعيد القائمين على الليغا إلى "بيت الطاعة الكاتالوني"، أبرزها: - إنشاء "سوبرليغ" عابر للدول، يضم إلى جانب برشلونة فرق مانشستر يونايتد وباريس سان جيرمان وبايرن ميونخ. - يمكن أن يشارك برشلونة في أحد الدوريات الأوروبية، كالدوري الفرنسي والذي يعطيه دخوله زخما قويا ويضخ دماء جديدة في البطولة التي باتت تحسم قبل أسابيع من ختامها لصالح باريس سان جيرمان، الخيار الثاني هو الدوري الإنكليزي (أول دوري كروي بالعالم من حيث المشاهدة وبفارق كبير عن الدوري الإسباني) حيث يضيف البرسا حماسة وإثارة على "برميرليغ". - لن يكون البرسا الخاسر الأكبر، فالنادي الملكي يدفع ثمنا كبيرا لاستبعاد "عدوه اللدود"، ومن خلفه جميع الفرق الإسبانية التي تخسر عائداتها المادية، والأهم قدرتها على المنافسة، ويتراجع مستوى الليغا ونتائج فرقها في البطولات الأوروبية، وتخسر لقبها كأقوى بطولة في أوروبا. ويرى مراقبون أن الاتحاد الإسباني لكرة القدم يمكن أن يغير قوانينه ويعتمد حلول دول أخرى، كفرنسا التي تشارك إمارة موناكو في دوري كرة القدم (ليغ 1)، وويلز التي تشارك فرقها في الدوري الإنكليزي (برميرليغ).