هيأت النزاعات السياسية والانفلات الأمني وهشاشة الدولة في ليبيا، على مدار السنوات الخمس الماضية، الأجواء أمام العديد من المجموعات المسلحة لتقوية شوكتها وزيادة عددها وعتادها في هذا البلد الغارق في الفوضى. وفي ليبيا حكومة شرعية منبثقة عن البرلمان المعترف به دوليا، تتخذ من مدينة البيضاء شرقا مقرا لها، ولها جسم عسكري هو الجيش الوطني الليبي الذي أنشأه الفريق أول خليفة حفتر وضباط سابقون، وبخلاف ذلك تتنافس ميليشيات أخرى على النفوذ والموارد في أنحاء ليبيا. وكان سلاح الجو بما يملكه من عدد قليل من الطائرات والوحدات الخاصة، القوات الرئيسية التي انضمت إلى الجيش الوطني، لمكافحة الإرهاب بدعم من حكومة عبد الله الثني التي يعترف بها المجتمع الدولي. ويمتلك الجيش الوطني مناطق نفوذ شرقي البلاد، باتجاه مدن موالية مثل طبرق والبيضاء والمرج على الحدود المصرية، قبل أن يستعيد السيطرة على مناطق في بنغازي، لكنه لا يزال يواجه مقاومة في هذه المدينة. أما العاصمة طرابلس فهي قابعة منذ أكثر من عام تحت سيطرة ميليشيات "فجر ليبيا"، التحالف الذي يضم في أساسه مجموعات من مدينة مصراتة (200 كلم شرقي طرابلس). ونشأ هذا التحالف في يوليو 2014 خلال عملية عسكرية ضد قوات الزنتان، التي طُردت من العاصمة لتعود إلى مدينتها الواقعة على بعد 170 كلم جنوب غرب طرابلس. وتسيطر "فجر ليبيا" على مدن ساحلية أخرى غربي البلاد، تقريبا من مصراتة إلى الحدود التونسية مرورا بالعاصمة، حيث انضمت إليها مدن مثل الغريان ونالوت وجادو، كما أنها تحظى بوجود في الجنوب مثل سبها. وفي بنغازي هناك مجلس شورى ثوار بنغازي، وهو تحالف لجماعات متشددة يقاتل الجيش الوطني الليبي، ويضم جماعة درع ليبيا و"سرايا شهداء 17 فبراير" وكتيبة راف الله السحاتي وجماعة "أنصار الشريعة"، المعروفة بقربها من تنظيم القاعدة. وتصنف "أنصار الشريعة" جماعة إرهابية لدى الأممالمتحدة، ولها فروع في درنة (شرق) وصبراتة (غرب)، إلى جانب فرع بنغازي. ومع التشرذم الذي أصاب ليبيا، وجد تنظيم (داعش) موطأ قدم له بشكل تدريجي، حتى بات يسيطر حاليا على مدينة سرت الساحلية (450 كلم شرق طرابلس) مسقط رأس القذافي، ويسعى للتمدد نحو المناطق المحيطة بالمدينة. كما يحظى بوجود في بنغازي وفي درنة (شرق)، المعقل التاريخي للمتشددين في ليبيا، إلى جانب جماعات أخرى.