البيئة الليبية أكثر قابلية للتنظيمات الإرهابية لم يعد تنظيم داعش بعيدا عن أي مشروع لتوسعة خريطة تمدده، فبعد أن أصبح يهدد بسقوط ليبيا في قبضته، وأحكم سيطرته على بنغازي ثاني أكبر المدن، بات تهديده يقلق المهتمين بالشأن المغاربي، باعتبار ليبيا أكبر بوابة لهذا التنظيم على إفريقيا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.
استغل تنظيم الدولة المتشدد الفوضى الناجمة عن انشغال الحكومة الليبية والقوات الحكومية بالتصدي للميليشيات غير الشرعية ليوسع خريطة تمدده في ليبيا، الأمر الذي بات يهدد بسقوط البلاد في قبضة الإرهاب، في حال استمر الغرب برفض رفع الحظر عن تسليح الجيش، وبعد أن كان قد سيطر على مدينة درنة الساحلية في شرق ليبيا، تمكن تنظيم داعش من الوصول إلى بنغازي، ثاني أكبر المدن، مستغلا المواجهات التي خاضها الجيش وسكان من المدينة بمواجهة ميليشيات ”أنصار الشريعة”، التي انتهت بسيطرة الحكومة على معظم المناطق. وعمد تنظيم داعش بعد سيطرته على عدة أحياء في مدينة بنغازي الساحلية الواقعة في الشرق إلى نقل ”معركة الإرهاب” إلى سرت بوسط البلاد حيث ارتكب عدة ”مجازر”، ليتمدد وجود المتشددين على الساحل الليبي إلى الغرب، حيث ينتشر المتشددون في مدينة صبراتة القريبة من العاصمة. البيئة الليبية أكثر قابلية للتنظيمات الإرهابية وتظهر خريطة تمدد داعش من أقصى الشرق إلى الغرب، مرورا بالوسط، تركيزه على المناطق الساحلية نظرا لأهميتها الاستراتيجية اقتصاديا وعسكريا على خططه المستقبلية، لاسيما أن البلاد لا تزال تعاني من الظروف الأمنية والسياسية نفسها التي استغلها المتشددون، حيث كانت درنة أول إمارة لها، لاسيما أن شباب هذه المدينة قد ذهب عدد منهم خلال حكم معمر القذافي إلى أفغانستان والعراق للقتال تحت لواء المتشددين، قبل أن تسقط، بعد ”الثورة” التي أطاحت نظام القذافي عام 2011، بقبضة ”كتيبة أبو سليم” التي تتبنى منهج تنظيم القاعدة المتشدد. وطيلة السنوات التي أعقبت سقوط القذافي، شهدت المدينة اغتيالات واعتقالات وسط عجز حكومي، مهد الطريق لتنظيم داعش ليعلن نهاية عام 2014 درنة ”أول إمارة” للمتشددين، حين نشروا فيديو ظهر فيه العشرات من أهالي المدينة وهم يبايعون ”أبو بكر البغدادي”، ومارس التنظيم إرهابه في المدينة، حيث استخدم باحات المساجد لقتل معارضيه من المدنيين، كما عمد إلى تطبيق معتقداته، إذ غير المناهج الدراسية وفصل بين الذكور والإناث في المدارس والمعاهد والجامعات، وعمل حتى على طرد الميليشيات المتشددة التي مهدت له الطريق إلى درنة أما بنغازي التي كانت مهد الثورة، فقد شهدت في السنوات الأولى التي أعقبت الإطاحة بالقذافي فوضى أمنية تمثلت بسقوط المدينة بقبضة الميليشيات، وسط انتشار عمليات الاغتيال والتصفية، كما زاد من انحدارها نحو الهاوية انتقال مقر المجلس الانتقالي إلى العاصمة طرابلس، وعمليات الاغتيال التي بلغ عددها أكثر من 500 وطالت عدد من أفراد الجيش والشرطة والصحفيين والنشطاء، كانت قد بدأت حتى قبل انتهاء الثورة، وذلك حين أقدم مجهولون على قتل اللواء عبد الفتاح يونس، الذي كان يحاول تأسيس نواة للجيش الجديد. وعند بدء عملية الكرامة لبسط سلطة الشرعية على المدينة، ظهرت الأهداف الحقيقية للميليشيات التي كانت تدعي أنها تضم ”الثوار”، إذ سارعت إلى الإعلان عن تأسيس ”مجلس شورى ثوار بنغازي” بزعامة جماعة أنصار الشريعة المتشددة للتصدي للقوات الحكومية والجيش الوطني. المؤتمر الوطني المنتهية ولايته يعزز سيطرة داعش وسيطرة داعش على بعض المناطق في بنغازي تسلط الضوء على المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، الذي رفض الشرعية، وأعلن دعمه الكامل ل”مجلس شورى ثوار بنغازي”، حيث لا تزال الجرافات والقوارب المحملة بالسلاح والعتاد تصل إلى بنغازي من ميناء مصراته، بحسب الجيش الليبي. وفي سرت التي شهدت عقب الإطاحة بالقذافي صراعات بين الميليشيات وبينها ”الدروع” القادمة من مصراتة، مع القوات الحكومية، تتهم عدة مصادر ”ميليشيات فجر ليبيا”، المرتبطة أيضا بالمؤتمر الوطني، بأنها طردت الجيش من المدينة لتسهيل سقوطها بقبضة داعش، أما في صبراتة، فلم يتم الإعلان رسميا عن وجود لداعش، لكن مصادر ليبية تؤكد أن المتشددين يسيطرون على المدينة التي شكلت قاعدة انطلاق وتدريب للعمليات الإرهابية في العاصمة طرابلس، على غرار تفجير فندق ”كورنثيا” وتفجير عدة سفارات.