أجمع أعضاء مجلس الأمة على انتقاد زملائهم بالمجلس الشعبي الوطني، واصفين ما حدث أثناء جلسة المصادقة على مشروع قانون المالية نهاية شهر نوفمبر الماضي ب«الكلام الخطير" و«الانزلاقات"، كما اعتبروا رفع شعارات تجويع الشعب وبيع المؤسسات بمثابة "التشكيك" المرفوض. فيما سمع صوت المعارضة من خلال عضو جبهة قوى الاشتراكية الذي وصف القانون ب«المليء بالغموض". ودعا عضو حزب جبهة التحرير الوطني، صالح دراجي، وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة لضرورة "قول الحقيقة للشعب" حتى يتضامن هذا الأخير مع الحكومة ويتفهم الإجراءات التي جاء بها نص قانون المالية للسنة القادمة. وبخصوص الانتقادات الموجهة للمواد 66 و71 استغرب العضو كيف للبعض أن يشتكي من ضعف بعض المؤسسات العمومية في الوقت نفسه يرفض المادة 66، معتبرا أنه "لا بد من فتح قطاع مؤسسات عمومية عاجزة"، مضيفا أنه من غير المعقول ضخ أموال إضافية في مؤسسات فاشلة وذكر "لا أرى مانعا إذا كانت تخدم مصالح الشعب الجزائري". وفيما يتعلق بالدعم "العشوائي" طالب بوقفه والتوجه نحو الدعم الموجه، وهو المنحى نفسه الذي سانده زميله في الحزب بلقاسم قارة الذي دعا لضرورة وقف الدعم غير المجدي للمؤسسات الفاشلة. وفي السياق ذاته، فتح العضو عن الثلث الرئاسي، الهاشمي جيار، النار على المعارضة، حيث وصف بعض كلامها ب«غير المقبول" وب«الانزلاقات" خاصة في هذا الظرف، كما اعتبر أن التشكيك في مصداقية المؤسسات وتخويف الشعب "لا مبرر موضوعي له"، ودافع عن مشروع قانون المالية بشراسة في رد منه فهم على أنه موجه لمجموعة 19 قائلا "المشروع لم يأت من فراغ مؤسساتي"، وخاطب المعارضة قائلا إن خطابهم "يبعدنا عن المسائل الجوهرية ويحولنا من الأهم إلى الوهم"، وأضاف "إن التشكيك في وجود مؤسسات وقدرتها أمر مبالغ فيه"، وأضاف جيار "الجزائر ليست يتيمة"، مؤكدا "المجال ليس مفتوحا لمن هب ودب ليفعل ما يشاء". واعتبر الهاشمي جيار أن "الثرثرة السياسوية التي تعوض الانتقاد البناء لا تدفع بالاقتصاد ولا ينبغي انتهاج سياسة التشاؤم". من جهة أخرى، رفع العضو عن جبهة التحرير الوطني محمد زوبيري، الانشغال المتعلق بالعملة الصعبة وعدم فتح مكاتب للصرف، مشيرا إلى أن المبلغ الذي يدخله سنويا المغتربون الجزائريون من العملة الصعبة يقدر بحوالي 01 مليار أورو، متسائلا أمام وزير المالية أين تذهب كل هذه الأموال؟ كما تساءل عن السبب الحقيقي لعدم فتح مكاتب صرف العملات الصعبة. وبلهجة أكثر حدة، قال زوبيري "رخصوا للسكوار أو افتحوا مكاتب الصرف". فيما رافع العضو عن التجمع الوطني الديمقراطي محمد رضا أوسهلة عن ضرورة التدقيق في الفئات المحتاجة للدعم، من خلال إحصاء المعوزين والمحتاجين، ووضع بطاقية وطنية لتحديد المحتاجين، واصفا الانتقادات الموجهة لقانون المالية من طرف المعارضة بأنها "بهتان وافتراء"، مؤكدا أن دعم الدولة متواصل في العديد من المجالات. وفي الشأن ذاته، رد عباس بوعمامة ممثل الأرندي على المعارضة، واصفا إياها ب«أصوات تريد زرع الشك وتخويف الشعب"، معتبرا القانون عادي في ظروف غير عادية، وقال أن المواد التي تتكلم عنها المعارضة "الهدامة" بمثابة "كلام عار من الصحة والواقع يكذبها"، كما أضاف "نقول للمشككين الشعب يعرفكم، وهذه حملة مسبقة". أما صوت المعارضة داخل مجلس الأمة، فتمثل في عضو جبهة القوى الاشتراكية، موسى تمدار تاز، الذي وصف جو الأعمال بالجزائر ب«الغامض"، واعتبر المادة 02 بمثابة "الخطأ في حق السيادة الوطنية"، مضيفا أن المادة 53 المتعلقة بنقل ملكية الأراضي "جد خطيرة"، والمادتين 55 و66 التي تسمح بفتح رأسمال المؤسسات الاقتصادية "ضربة في عمق كيان السيادة".