علمت "البلاد" من مصدر حزبي أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني شرع بداية من يوم أمس الأحد في إيفاد مبعوثين عنه لعقد لقاءات ولائية تخص التحضير لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء السينا. وعلى غير العادة فإن حزب جبهة التحرير الوطني يسعى لحصد غالبية المقاعد التي تتيحها هذه الانتخابات التي هدد سعداني بإقصاء كل منتخب يترشح فيها خارج الإطار الحزبي أو يصوت فيها لغير صالح مرشح الأفلان. ولا تعكس حالة التسارع القائمة داخل كواليس الحزب سوى التمهيد للفوز بأغلبية ساحقة والظفر بالأغلبية المريحة أو المطلقة داخل مجلس الأمة تحضيرا لباقي الاستحقاقات الأخرى. ومعلوم أن كل هذا الحراك الذي يريد عمار سعداني إظهاره داخل وخارج الحزب يستهدف قطع الطريق أمام حزب أحمد أويحيى الذي يسعى هو الآخر إلى الاستثمار في نقاط ضعف الأفلان بعدة ولايات من شأنه أن يفوز فيها بمقاعدها الموجهة للانتخابات الجزئية لأعضاء مجلس الأمة. كما أن تعيينات الثلث الرئاسي القادمة قد تعكس مدى تعاطف الرئيس مع هذا الحزب أو ذلك، مع الإشارة إلى أن بوتفليقة هو الرئيس الفعلي للأفلان الذي يسعى منذ أن تولى سعداني مقاليد الحكم فيه السيطرة على الهيئة التنفيذية وتعيين شخصية حزبية موالية له على رأس الحكومة. ويبدو التنافس الحزبي بين جبهة التحرير الوطني من جهة والتجمع الوطني الديمقراطي سياسيا، يدخل في سياق التنافس الأبدي الحاصل بين التشكيلتين السياسيتين منذ 1997، لكنه يترجم منافسة أخرى غير ظاهرة تتعلق بالتموقع للمرحلة القادمة التي تبدو كمفتاح للإجابة عن كافة الأسئلة المتداولة من أحزاب سياسية وشخصيات وطنية والكثير من وسائل الإعلام، عن الوجه الحقيقي لتلك المرحلة، وهي مرحلة لا تعتبر حرجا سياسيا لأي طرف. كما أن طرح أسئلتها يدخل في صلب البحث عن حلول المستقبل السياسي لعلامات الاستفهام القائمة. وإذا كانت السلطة تعتبر أنها تمر بظرف طبيعي فإن الكثير من العوامل الاقتصادية أكثر من السياسية هي التي تجعل الوضع استثنائيا، وإذا كان الأفلان يملك الأغلبية في المجالس المنتخبة فهو مدعو لأن يمسك بقاطرة الهيئة التنفيذية بعيدا عن الانتماءات الصورية والمظهرية، وهذا ما يدفع بشأنه عدد من أعضاء المكتب السياسي ووزراء سابقون على صلة بالأمين العام الحالي. ولم يعد سرا أن عمار سعداني لايزال متمسكا بخيار الحكومة الأفلانية لبسط يد الحزب ومناضليه وإطاراته على كافة مفاصلها، دون انتظار انخراط هذا الوزير أو ذلك في الحزب.