المعارضة أمام فرصة "تاريخية" لإسقاط الدستور تسابق أحزاب الموالاة والمعارضة الزمن لعقد تحالفات من شأنها قلب المعادلة لصالحها أثناء جلسة التصويت على تعديل الدستور يوم الأربعاء القادم، خاصة وأن ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان التي ينص عليها الدستور، لا تتوفر عليها أحزاب الموالاة مجتمعة، بالإضافة لأعضاء الثلث الرئاسي، ما يعني ضرورة البحث عن تحالفات أخرى، بالإضافة لإمكانية توصل المعارضة لإسقاط المشروع في حال تمكنت هي الأخرى من الفوز بتحالفات داخل البرلمان. وتنص المادة 176 من الدستور، التي اعتمدت في تمرير التعديل الدستوري واستدعاء البرلمان بغرفتيه، على أن إصدار القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي شريطة إحرازه ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي البرلمان، أو ما يصطلح على تسميته في الفقه الدستور ب«الأغلبية الموصوفة"، والتي تقدر ب452 نائبا، وهي الأغلبية التي لا يحوزها حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وأعضاء الثلث الرئاسي مجتمعين، وهو ما يحتم على من يرغب في تمرير الدستور أو إسقاطه البحث عن تحالفات أخرى داخل الهيئة التشريعية، خاصة لدى بعض النواب الأحرار، والنواب الممثلين لتجمع أمل الجزائر والجبهة الشعبية الجزائرية، والنواب الأحرار. وفي السياق، استبعد العضو السابق في المجلس الدستوري والمحامي محمد فادن، أن يخضع مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور إلى أي تعديلات خلال التئام البرلمان بغرفتيه هذا الأربعاء، مؤكدا أن الدستور الجديد يجب أن يحظى بمصادقة الأغلبية الموصوفة، أي 452 صوتا، وهي الأغلبية التي لا يحوزها حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وأعضاء الثلث الرئاسي مجتمعين. هؤلاء من بيدهم تمرير الدستور وذكر العضو السابق في المجلس الدستوري، محمد فادن، أن ما يؤخذ بعين الاعتبار أثناء جلسة التصويت يوم الأربعاء القادم هو العدد الفعلي لأعضاء البرلمان، بمعنى أن المجلس الشعبي الوطني يضم 462 نائبا، وإذا غاب عضو فيحسب العدد كاملا، مؤكدا أنه لا يعتد بشغور المقاعد في مجلس الأمة وعددها سبعة وإنما تحسب المقاعد كاملة، ما يعني أن عدد أعضاء البرلمان بغرفتيه يعادل 606 عضو. في حين أن ثلاثة أرباع يساوي 452 عضوا وهو نصاب "الأغلبية الموصوفة "، مؤكدا أن هذه الأغلبية التي لا تحوزها جبهة التحرير الوطني مجتمعة مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي وأعضاء الثلث الرئاسي، ما يعني أي هذه الأحزاب مجتمعة لا تشكل النصاب القانوني للمصادقة على مشروع قانون تعديل الدستور، ما يستدعي البحث عن تحالفات خارج هذا الثلاثي. وبهذا الخصوص، لا يستبعد أن تكون الحرك الشعبية وتجمع أمل الجزائر والأحرار، وجهة أحزاب الموالاة لتحصل على الأغلبية "الموصوفة". حل البرلمان أو اللجوء إلى الاستفتاء إذا لم يحظ بالأغلبية الموصوفة وبحسب الخبير الدستوري محمد فادن، فإنه إذا لم يحظ مشروع تعديل الدستور بالأغلبية الموصوفة، فإن الجزائر ستشهد "مشكلا مؤسساتيا" لاسيما على مستوى الغرفة السفلى، مشيرا إلى أنه يمكن أن يقوم رئيس الجمهورية بحلها أو يلجأ مباشرة إلى الاستفتاء استنادا إلى المادة 07 والمادة 77 التي تتيح في فقرتها العاشرة لرئيس الجمهورية اللجوء إلى إرادة الشعب مباشرة، وهي الجزئية التي تطرق إليها المجلس الدستوري سنة 2008، حيث أكد بمناسبة التعديل الدستوري آنذاك أن رئيس الجمهورية يحق له في حال رفض البرلمان التعديلات الواردة اللجوء مباشرة إلى الاستفتاء. المعارضة تحضر لرد فعل موحد من جهة أخرى، عقدت أمس أحزاب المعارضة البرلمانية، لقاءات موسعة ومطولة فيما بينها، للتنسيق والتحضير للخروج بموقف موحد بينهم، مثل ما حدث أثناء جلسة المناقشة والتصويت على قانون المالية للسنة الجارية، وتعمل على صياغة بيان يوقعه قرابة 94 نائبا، وهو العدد الذي وقع على الرسالة الموجهة لرئيس الجمهورية بغية عدم التوقيع على قانون المالية لسنة 2016، خاصة وأن كل من نواب تكتل الجزائر الخضراء، وجبهة العدالة والتنمية، وحزب العمال، وجبهة القوى الاشتراكية، وحركة البناء الوطني، يرفضون هذا المشروع. وفي السياق، كشف القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن المعارضة تعمل بجد لإيجاد طريقة ل«إخراج موقفها" من الدستور الذي ترفضه شكلا ومضمونا. وبخصوص عدم امتلاك حزبي الأغلبية بالإضافة للثلث الرئاسي ل452 نائب لتمرير الدستور، استبعد بن خلاف حدوث أي مفاجأة، مشيرا إلى أن نواب "تاج" والحركة الشعبية وبعض الأحرار كلهم يساندون المشروع. محمد فادن: انعقاد دورة ربيعية للبرلمان مخالف للدستور الجديد وفي السياق، شدد الخبير محمد فادن، على ضرورة التفريق بين استدعاء البرلمان بغرفتيه والتئام البرلمان في دوراته العادية، فالأول يكون بمرسوم رئاسي سواء كانت الدورة جارية أو غير جارية، لأن التئام البرلمان بغرفتيه لا يكون إلا في حالات استثنائية للفصل في مسألة متعلقة بالدستور ولا علاقة له بدورات المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة.