أقدمت الحكومة الفرنسية خلال العام الجاري، على طرد العشرات من الأئمة الجزائريين من ترابها بحجة إلقائهم خطبا دينية متطرفة ومحرضة على العنف، كما اتهمت الجهات الرسمية في باريس هؤلاء الأئمة بانتهاج بعض الممارسات التي وصفتها بأنها دخيلة على المجتمع الفرنسي ومنافية لهويته· وكشف برنارد غودر، المستشار بمكتب الشعائر الدينية في وزارة الداخلية الفرنسية، خلال تصريح ل ''البلاد''، أن حكومة ساركوزي اتخذت تدابير إجرائية صارمة، تتمثل في تشكيل لجان مراقبة وتفتيش، الهدف الرئيسي منها، متابعة الخطب الدينية في المساجد الفرنسية للحد من انتشار ما وصف بالأفكار المتعصبة مع تطبيق قرارات قانونية لتطهير المؤسسات الدينية من نزعات التطرف·وتحفظ المسؤول ذاته، عن حصر عدد الأئمة الجزائريين المطرودين، مكتفيا بالقول ''قائمة الأئمة المحولين إلى الجزائر لا تتضمن عددا كبيرا من الأسماء، ولكن هناك من تم اعتقالهم وتوقيفهم دون تطبيق قرار الطرد في حقهم'' · وضمن السياق نفسه، أفادت السفارة الأمريكية بباريس، استنادا على نص المراسلة المنقولة من طرف موقع ''ويكيليكس''، أن فرنسا طبقت منذ سنة ,2001 قرار الطرد في حق 54 إماما كانوا ينشطون على مستوى المؤسسات الدينية الموزعة عبر تراب الجمهورية بتهمة ترويج خطب دينية متطرفة· وحسب المصدر ذاته، فإن غالبية الأئمة الذين تم طردهم ينحدرون من أصول جزائرية، في حين تم إحصاء عدد قليل من نظرائهم المغاربة والأتراك، حيث تندرج هذه الإجراءات ضمن المخطط الأمني الذي أقره، كريستوف شابو، رئيس مصلحة محاربة الإرهاب بوزارة الداخلية الفرنسية، قصد التصدي لمحاولات ''دس'' الإيديولوجيات المتطرفة في ذهنيات المواطنين، وهي العملية التي طالت كذلك نحو 72 عاملا مسلما في مطار ''شارل ديغول'' بالعاصمة باريس، خصوصا بعد تفجيرات لندن عام ,2005 التي استلزمت وضع وتطبيق خطة أمنية واضحة في المناطق ''الحساسة''·وفي هذا الشأن، كشف غودر، أن ''هذه الأرقام التي تحدث عنها موقع ''ويكيليكس'' غير صحيحة، بدليل أن عدد الأئمة الجزائريين المرحلين لا يتعدى 5 أئمة، كانوا متابعين منذ سنة ,2000 كما تم اعتقال 15 آخرين بين سنتي 2005 و,''2006 مضيفا ''الأئمة المنحدرون من أصول جزائرية، والمتهمون بإلقائهم خطبا متطرفة، هم أقل عددا بالجاليات الأخرى''·كما تأتي خطوة تشديد الرقابة على الأئمة من طرف الحكومة الفرنسية، لتؤكد ما نقلته ''البلاد'' في وقت سابق، حول اعتزام الداخلية الفرنسية، إعادة النظر في سياستها المنتهجة لإدارة ملف تسيير المؤسسات الدينية، عبر تشديد القبضة على الفكر الإسلامي وضبط عقاربه على ساعة الإيدولوجيا اللائكية من خلال العمل على تولية رئاسة المساجد إلى مسؤولين فرنسيين، أي ما يعني ولوج مرحلة ''تأميم المساجد'' من باب القضاء على الخطاب الإسلامي الذي لا يتوافق مع رؤيتها·