مسجد باريس الكبير عبّرت السلطات الفرنسية عن ارتياحها للدور الذي صار يلعبه الأئمة الجزائريون المنتدبون للعمل بفرنسا في تحقيق الاستقرار الاجتماعي ومساعدة المهاجرين على الاندماج والالتزام بالقوانين المحلية، والحرص على تمتين العلاقات الثنائية، وذلك بفضل طبيعة الخطاب المسجدي والتعليمات والتوجيهات التي لُقنت للأئمة المنتدبين للعمل بهذه الدولة . * وكشف تقرير وجهته وزارة الداخلية الفرنسية، باعتبارها الجهة الوصية على الديانات بهذا البلد، إلى وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بو عبد الله غلام الله، عن تطور أداء وخطاب الأئمة الجزائريين المنتدبين للعمل بفرنسا، وهو التطور الذي تجلى من خلال "الإلمام الواسع للأئمة الجزائريين المنتدبين باللغة والثقافة الفرنسيتين، وعدم إثارة المشاكل الهامشية بين البلدين، وحث أبناء الجالية على احترام قوانين الدولة الفرنسية". * ويأتي تقرير الداخلية الفرنسية حول أداء الأئمة الجزائريين، بعد تخرج الدفعة الثانية من المعهد الكاثوليكي، الذي شرع وبدعم من حكومة باريس، في تكوين الأئمة بفرنسا، في دورات تمتد لستة أشهر، يستفيد خلالها الإمام من تكوين في العلوم الإسلامية، فضلا عن دروس في العلوم القانونية وعلم الاجتماع والفلسفة، وهو الأمر الذي خلف جدلا كبيرا في العالم الإسلامي، كونه جاء استجابة لرغبات وزارة الداخلية والهجرة الفرنسيتين، اللتان تنشدان الاستفادة من خدمات أئمة على دراية كاملة بواقع المجتمع الذي ينشطون فيه . * * وأوضح التقرير، بحسب المستشار الإعلامي بوزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي، في تصريح ل »الشروق«، أن الداخلية الفرنسية "لمست جنوحا لدى الأئمة الجزائريين نحو الخطاب الهادئ البعيد عن التهييج، المحرض على العنف". * وذكر فلاحي نقلا عن التقرير، أن الأئمة الجزائريين المنتدبين لجأت إليهم وزارة الداخلية الفرنسية من أجل مساعدتها على توجيه نداءات وتقديم دروس في المساجد، للحد من ظاهرة انتشار الاحتجاجات والإضطرابات التي كثيرا ما تعرضت لها ضواحي بعض المدن الكبرى، على غرار باريس ومرسيليا على وجه التحديد، احتجاجا على الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها، خاصة الجاليات المهاجرة المشكّلة في غالبيتها المطلقة من المسلمين القادمين من شمال إفريقيا وإفريقيا السوداء . * * وحثّ التقرير وزارة غلام الله على ضرورة تعزيز التوجه الداعي إلى التسامح ونبذ العنف وتفادي الخطابات المثيرة للمشاكل الهامشية والخلافات الفقهية، لدى الأئمة من المنتدبين الجدد، الذين جمعتهم وزارة الشؤون الدينية أمس، بدار الإمام بالمحمدية، حيث أكدت الجهة الوصية على ضرورة التحكم في اللغة الفرنسية، باعتبارها اللغة الرسمية وأداة التواصل بالدولة المتوجهين للعمل بها، سيما وأن أبناء الجالية الجزائرية والإسلامية المقيمة بفرنسا لا تتقن التواصل باللغة العربية، التي لا تزال تشكل لغة الدروس والخطب ببعض المساجد بفرنسا. * * وفي رد على سؤال حول معايير انتقاء الأئمة للعمل بفرنسا، والتي جلبت ارتياح سلطات باريس، أوضح مستشار غلام الله، أن المعيار الأول يتعلق بمدى قدرة الإمام على التواصل وتمكنه من اللغة الفرنسية، باعتبارها لغة الخطاب، إلى جانب أمور تتعلق بطبيعة الشخص المنتدب، بمعنى هل هو صدامي أم ينزع نحو الهدوء وتجاوز المشاحنات، إضافة إلى معايير أخرى تعتبر ستاتيكية عندما يتعلق الأمر بالأئمة الخطباء والمدرسون، كضرورة حفظهم للقرآن الكريم، وتمكنهم من الفقه والفتوى، حسب متطلبات الزمان والمكان، بحكم خصوصية الدولة الفرنسية، التي يدين أغلب سكانها بغير الإسلام، ولهم عادات وتقاليد تختلف كثيرا عن نظيرتها في البلدان العربية والإسلامية، يضيف المتحدث .