تعتزم وزارة الداخلية الفرنسية إعادة النظر في السياسة المنتهجة لإدارة ملف تسيير المساجد المنتشرة على ترابها، وذلك من خلال وضع صيغ وتدابير جديدة خلال الأيام المقبلة، من شأنها تشديد القبضة على الفكر الإسلامي وضبط عقاربه على ساعة الإيديولوجيا اللائكية عبر تولية رئاسة المؤسسات الدينية الإسلامية إلى مسؤولين فرنسيين وكشف المستشار بوزارة الداخلية الفرنسية، برنارد غودر، في حديث ل''البلاد''. عن وجود مساع جادة من قبل حكومة ساركوزي تهدف إلى ''تأميم'' المساجد الفرنسية، بمعنى التخلي عن ''الخطاب المزدوج'' الذي كان يمنح الدول الإسلامية حق ممارسة الوصاية على جالياتها المتواجدة بفرنسا. وأكد غودر أن ''تدخل الدول الأصلية في شؤون مسلمي فرنسا كان يندرج ضمن محاور السياسة الخارجية التي تقوم على مراعاة الاهتمام الذي توليه هذه البلدان لجاليتها، ولا يعتبر منحى توجيهيا للتأثير على المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية''. واعتبر رئيس مكتب الشعائر الدينية بوزارة الداخلية الفرنسية، أن ''تحويل رئاسة المجالس والمؤسسات الإسلامية بفرنسا إلى مسؤولين يشترط أن ينحدروا من أصول فرنسية، جاء تلبية للمطالب المرفوعة من قبل العديد من أعضاء الجالية المسلمة الذين أبدوا تذمرهم حيال تدخل بلدانهم في الشؤون الداخلية لفرنسا''. ومن خلال هذا الإجراء سيحيي، من جديد، أصحاب القرار بقصر ''الإليزيه'' موجة الجدل المثارة حول ''الإسلام بفرنسا أو الإسلام الفرنسي'' عن طريق إعادتها إلى واجهة الأحداث، ليتمكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الإجابة عن سؤاله المطروح في كتابه ''الإسلام بفرنسا: الجمهورية، الديانات، الأمل''، وهو: هل ينبغي مراجعة العلمانية وتطويرها لصناعة إسلام فرنسي؟ لتكون الإجابة واضحة حسب النزعة الساركوزية، تتمركز في المقام الأول على محور إدماج الجالية المسلمة بفرنسا في الحياة السياسية وفقا للاقتراح الديغولي ''تخليص الإسلام الفرنسي من التأثيرات الأجنبية ووجوب تأهيل الأئمة وبناء المساجد بأموال الدولة''. كما تكشف الإجراءات الجديدة التي ستتخذها الداخلية الفرنسية مستقبلا للتحكم الأمثل في المساجد، عن النية التي تخفيها باريس لترسيخ الخطاب العلماني وترويجه في أوساط الجالية المسلمة، وذلك عبر تكليف أئمة فرنسيين، تلقوا تكوينهم في المدرسة الجمهورية وتشبعوا بروح الإيديولوجيات المتبناة بفرنسا، حيث أعلن في وقت سابق إمام مسجد ''درونساي''، حسان شلغومي، أن ''الإسلام لم يعد دين المغتربين وإنما دين ملايين من الفرنسيين، لذلك لا بد من تأطيره وفق ما تقوم عليه الدولة الفرنسية وإخراجه من التبعية للبدان الأصلية كخطوة لمنع تدخلها في الشؤون الداخلية''.