مانويل فالس في "مهمة صعبة" بالجزائر استغربت الجزائر استغلال جل وسائل الإعلام الفرنسية لفضيحة "وثائق بانما" لشن حملة إساءة "مفرطة" ضد الرئيس بوتفليقة والمؤسسات الدستورية، دون أن تتحرّك سلطات باريس لوقف "الانحراف" عشية زيارة رئيس الوزراء الفرنسي إلى الجزائر. وقدّرت الحكومة أن الحملة الصحفية الفرنسية "غير بريئة ومضلّلة" ووضعتها في خانة "المناورات الموجّهة عن قصد ضد مؤسسة الرئاسة ورموزها". وفيما سارعت الخارجية لاستدعاء السفير الفرنسي وتبليغه "احتجاجا شديد اللهجة" وتأكيد وزير الداخلية أحمد بدوي أن "الجزائر لن تصمت على تجاوز الخطوط الحمراء"، لم يصدر إلى غاية مساء أمس أي رد فعل رسمي فرنسي تجاه التداعيات التي خلفها هذا التكالب الإعلامي. ومن المنتظر أن تكون هذه التطورات محور الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى الجزائرية الفرنسية التي ستنعقد غدا الأحد بالجزائر العاصمة ويترأسها مناصفة الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره الفرنسي مانويل فالس. ويندرج هذا الاجتماع في إطار زيارة فالس للجزائر يومي السبت والأحد والتي ستتميز بلقاءات ثنائية بين المسؤولين السامين للبلدين من أجل دراسة آفاق التعاون الثنائي، ويتعلق الأمر أساسا بقطاعات الصناعة والفلاحة والمياه والبيئة والتربية والنقل والداخلية والعدالة والتعليم العالي والثقافة والشؤون الدينية. وعادت صحيفة "لومند" و«لوفيغارو" و«ليبيراسيون" و«لوباريزيان"، أمس، لردّة الفعل الجزائرية تجاه "الحملة الفرنسية" وأجمعت على أنّ "الجزائر غاضبة من التعاطي الإعلامي الفرنسي تجاه فضيحة وثائق بانما"، وشدّدت على أنّ "الخارجية الجزائرية تريد من الجهاز التنفيذي الفرنسي ممارسة الرقابة على ما تكتبه الصحف"، وتجاهلت الصحافة الفرنسية أن "ما قدّمته للقراء من مادة على أعمدة الصحف ليس مناقشة محتوى الوثائق المسربة في أوراق بانما، بل هجوما حادا ضد رئاسة الجمهورية والمؤسسات الدستورية وتضليلا مفضوحا وتوجيها للرأي العام نحو أهداف مغرضة تستهدف المساس بصورة الجزائر ورموزها في الخارج". وكانت وزارة الخارجية قد استدعت مساء الأربعاء المنقضي سفير فرنسا في الجزائر، لتبلغه استياءها من "الحملة المعادية" للجزائر في وسائل الإعلام الفرنسية بعد نشر "أوراق بانما". وورد في بيان لوزارة الخارجية أن لعمامرة أبرز أن هذه الحملة التي وصفها بذات النوايا السيئة والمضللة، والتي لا يمكن إطلاقا تبريرها بحرية الصحافة، قد بلغت أوجها من خلال مناورات قذف موجهة عن قصد ضد مؤسسة الرئاسة الجزائرية. وأكد وزير الخارجية في بيان أنه من الواجب الأخلاقي والسياسي بأن تعرب السلطات الفرنسية المختصة صراحة عن استنكارها لهذه الحملة التي لا تتلاءم مع مستوى العلاقات الجزائرية الفرنسية. بوادر هذه الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، جاءت على خلفية تقرير إعلامي نشرته صحيفة "لوموند" التي حصلت على "وثائق بانما" وذكرت أن وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب الذي تسلم منصبه الوزاري في ماي 2014، يملك شركة في بانما هي "رويال أرايفل كورب"، أنشئت في أفريل 2015 من خلال خدمات شركة تنشط في تسجيل شركات "أوفشور". واعتذرت صحيفة لوموند عن نشر صورة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ضمن تقرير عن المسؤولين المتورطين في وثائق بانما، إلا أنها أشارت إلى أن "الجزائر معنية بطريقة مباشرة بتلك الفضائح باعتبار أن الذين وردت أسماؤهم تحوم حولهم شكوك تتعلق بتحويلهم جزءا من موارد البلاد الى الخارج".