توجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأحد، إلى جنيف في "زيارة خاصة"، سيجري خلالها "فحوصات طبية دورية"، حسب بيان لرئاسة الجمهورية نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية وأوضحت الرئاسة في بيان مقتضب أن بوتفليقة "غادر أرض الوطن في زيارة خاصة إلى جنيف سيجري خلالها فحوصات طبية دورية". بهذا البيان الهام ، أنهت السلطات العليا في الجزائر أهم القضايا المثيرة للجدل في الداخل والخارج ، وهي المرة الأولى التي يغير فيها الرئيس بوتفليقة وجهته الطبية من باريس إلى بلد أوروبي آخر غير فرنسا ، لكن هذا التغيير ليس عاديا ، فهو يأتي في ظل التشنج الذي يسود العلاقات الثنائية مع باريس على خلفية "التحرشات" الرسمية والاعلامية التي استهدفت في البداية الرئيس بوتفليقة على خلفية قضية وثائق بانما التي ورد فيهل ذكر لاسم وزير الصناعة ، ثم استهداف القضايا الهامة في الجزائر أبرزها المسجد الأعظم و الصحراء الغربية والدور الجزائري وغيرها من الملفات ، الأمر الذي أثار غضب الحكومة التي سارعت إلى الرد بطريقتها وكشفت عبر قنوات غير رسمية عن الأسباب الحقيقية التي تجعل من فرنسا تستشيط غضبا من الجزائر وقبل تغيير الوجهة الطبية لبوتفليقة كانت الجزائر أبرمت عدة إتفاقيات مع شركات النفط الأمريكية ، متجاوزة أي دور للشركات الفرنسية ، وهو ما يؤكد أن السلطة اتخذت قرارها بشأن حدود ومستوى العلاقة مع باريس التي تمادات في تهجماتها بشكل سافر على الجزائر، ولا يمكن إعتبار قرار بوتفليقة بإجراء الفحوصات الطبية الضرورية في باريس ظرفيا ، بل قد يترجم قناعة يمكن أن تترجمها قرارات سياسية أكثر حدة وجرأة على مستويات أخرى أبرزها المدرسة والمناهج التربوية مثلا ، حيث من الممكن أن تتراجع الحكومة عن سياسة "الفرنسة" المعتمدة في النظام التربوي ككل ، إلى إدراج الإنجليزية كلغة تدريس بعد العربية ، وهو ما سيشكل ضربة للفرنسيين الذين لم يتوقعوا مثل هذه المواقف والقرارات ، التي قد تكون بداية نهاية الهيمنة الفرنسية ، وسط التحولات التي تعرفها المجتمعات في دول العالم وقد يعتقد اللوبي الفرنسي المهيمن على إدارة هذا النوع من العلاقات مع الجزائر أن الأمر يتعلق بتصريف مرحلة مؤقتة ، لكن بقراره "الطبي" هذا يكون بوتفليقة قد أنهى فترة "التبعية الجزئرية لفرنسا " التي ظلت محل انتقاد ومواقف شعبية قاسية ضد تلك التبعية التي ورثتها الحكومات المتعاقبة رغم محاولات البعض التخلص منها دون جدوى، كما أكدت السفرية الجدية لبوتفليقة إمكانية أن تغير الجزائر من شركائها و أن تونع من ذلك دون أي عقدة من أجل كسر التبعية والاحتكار السياسي .