الرئيس الفرنسي يحاول إنقاذ شعبيته بالدفاع عن أطروحات اليمين المتطرف فتح الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أمس، صفحة جديدة من الجدل بزعمه أن "الحركى والأقدام السوداء تعرّضوا لسلسلة مجازر ووقعوا ضحية نهاية حقبة الاستعمار الفرنسي في الجزائر". وقال هولاند في حوار مطول مع صحيفة "فرانس كيلتير"، إن "فترة دامية ميّزت التعامل مع هؤلاء (الحركى) فور التوقيع على اتفاقيات إيفيان التي مهّدت لاستقلال الجزائر بوقف إطلاق النار بين جيش التحرير الوطني والقوات الاستعمارية، في 19 مارس 1962". وقبل عام من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، يحاول الرئيس فرنسوا هولاند الذي يواجه معارضة على كل الجبهات، الدفاع عن آدائه وإعادة التواصل مع رأي عام حذر وذلك في حوار صحفي مطول تناقلت تلفزيونات وصحف فرنسية أجزاء هامة منه. وتبدو نبرة حديث هولاند بأنه يحاول استمالة أصوات اليمين واليمين المتطرف، بعد الضعط الذي مورس عليه من قبل لوبيات فرنسية تساند الحركى خلال حضوره لأول مرة في 19 مارس الماضي المراسم التي أقيمت أمام معلم ضحايا حروب الجزائر والمغرب وتونس ب«كي برانلي" بباريس، بمناسبة "اليوم الوطني للتذكر والترحم على أرواح ضحايا حرب الجزائر ومعارك المغرب وتونس"، الذي استحدث في 2012 بموجب قانون بادر به نواب اشتراكيون. وعاد هولاند إلى قضية حرب الجزائر وأطنب في الحوار على التذكير بمأساة هؤلاء وكأنهم الضحايا الحقيقيون ل132 سنة من الاستعمار، وجدد موقفه الرافض لأي اعتذار للجزائر عن جرائم بلاده البشعة. وتحدث هولاند عن مأساة هؤلاء، حيث جاء في الحوار لليومية الفرنسية "الاقدام السوداء والحركى كانوا فاعلان في حرب الجزائر، لكن ايضا ضحيتين لهذه الحقبة من تاريخ بلادنا، فعند عودتهم طلب من الأقدام السوداء عدم إزعاج المجتمع الفرنسي بذكرياتهم حول الجزائر فرنسية، وتم حشد الحركى في شبه محتشدات، ما يجب التأكيد عليه هو أن الأقدام السوداء والحركى يمثلون جزء هاما من ذاكرة فرنسا". وفي الحوار اكتفى الرئيس هولاند بالقول "عندما نقول مأساة فلا يعني أن ننسى أن حرب الجزائر تركت مأساة في الجزائريين أيضا عن طريق القمع والتعذيب". وفي هذا الحوار ساوى هولاند مرة أخرى بين الجلاد والضحية، رافضا أيضا فكرة أي اعتذار عن الجرائم البشعة للجيش الفرنسي في الجزائر التي سيظل التاريخ يحتفظ بها كأبشع ما قامت به أي قوى كولونيالية عبر الأزمنة. وكان قرار هولاند إحياء "اليوم الوطني للتذكر والترحم على أرواح ضحايا حرب الجزائر ومعارك المغرب وتونس"، قد لقي معارضة شديدة في أوساط قدماء حرب الجزائر والأقدام السوداء المقربة من اليمين المتطرف واعتبروا أن تاريخ 19 مارس 1962 هزيمة لفرنسا، زيادة على أنه لم يضع حدا للحرب. وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 4 ملايين ناخب ممن يوصفون ب«فرنسيي الجزائر"، 800 ألف شخص من بينهم ينتمون إلى فئة "الحركى"، حسب برنار كول، رئيس جمعية شباب الأقدام السوداء، وهو ما يعادل حوالي 8 بالمائة من مجموع الناخبين الفرنسيين، ما يفسر مغازلة الرئيس الفرنسي لهذه الفئة عند اقتراب كل موعد انتخابي.