أثارت الوثائق التي بثتها ليلة أمس الأول، قناة "فرانس 3" الفرنسية، عن الملك المغربي محمد السادس، وتناول الحياة السرية للملك المغربي وثرواته المالية، جدلا سياسيا وإعلاميا في المملكة المغربية، خاصة أنه أماط اللثام عن الكثير من الأسرار والفضائح التي أكدت القناة أنها تملك "أدلتها بالوثائق".وفي أوّل رد فعل عن مضمون الشريط الوثائقي "الصادم"، اتهمت صحف ومواقع إخبارية وقنوات تلفزيونية مغربية مقربة من السلطة ما وصفته ب«أطراف معادية تستهدف العائلة الملكية لهز الاستقرار في المغرب"، في حين أشارت مواقع أخرى إلى أن "التفاصيل التي جاء بها البرنامج الذي يعده الصحافي الفرنسي جان لويس بيريز يستدعي التوضيح من قبل السلطات" في حين لم تستبعد قنوات من "تداعيات سياسية لهذا الوثائقي على العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب".وغاص الوثائقي الفرنسي في الفضائح المالية التي ارتكبتها العائلة الملكية من خلال إنشائها لشركات ضخمة من المال العام وتم توجيهها لحياة البذخ للمنتسبين لعائلة العاهل المغربي والمقربين منه"، واستدل البرنامج بمضمون وثائق "بنما" كآخر محطة لتوثيق المساس بمال الشعب المغربي. وأشار البرنامج إلى أن ثروة العاهل المغربي "أصبحت ضعف ما كانت عليه منذ بداية الربيع العربي سنة 2011". وساق النقاش الذي بثته القناة الفرنسية عدّة أمثلة، على غرار أنه بالنسبة لمسؤولين في "الشركة الوطنية للاستثمار"، فإن العائلة الملكية باتت تسيطر على "غنيمة الحرب الجديدة"، أي مجال الطاقات المتجددة، التي ينوي "ملك الشمس تسليط أشعته الذهبية عليه"، موضحاً أن شركة "ناريفا هولدين" (فرع للمجموعة المالية "آس آن إي" التي يسيطر عليها الملك محمد السادس)، ربحت - شهر مارس المنصرم - في إطار اتحاد مع شركتي "أونال" و«سيمنس"، مناقصة بغرض بناء خمسة مجمعات للطاقة الريحية بعدد من المدن المغربية، التي تُقدر قيمتها ب 11 مليار درهم. وصرح معد البرنامج، الصحافي الفرنسي جان لويس بيريز، لإذاعة "فرانس أنتير"، على هامش بث البرنامج، بأن مرد إنجازه لهذه الحلقة عن الملك وثرواته يعود إلى "خيبة الأمل التي ظهرت حيال حكم الملك المغربي بعد وعود وانتظارات بتحقيق الانفتاح والديمقراطية".وأكمل الصحافي الفرنسي بأن "الانفتاح الذي تم تسجيله في بدايات حكم الملك محمد السادس خفت بعد ذلك وانقلب إلى شيء آخر تماما"، مؤكدا أنه تعرض للاعتقال مرات عديدة في المغرب من طرف أربعين رجل أمن، عندما قدم إلى المملكة من أجل تصوير برنامجه. وأورد الصحافي ذاته أنه في البداية كان يعتزم التطرق في برنامجه إلى معالجة ذات طابع اقتصادي، تتعلق بتأثير الشركات الملكية على الاقتصاد المغربي، مضيفا أنه بعد التعمق في الموضوع ولقائه بالعديد من الصحافيين المغاربة، ومنهم الصحافي السابق المقيم بفرنسا أبو بكر الجامعي، توسع أكثر في التحقيق ليطال "أسرار الملكية" والتي لم تخل من فضائح كبيرة كان آخرها ما كشفته وثائق بنما. وأبدت الصحافة المغربية خاصة المقربة من السلطة استياءها لما قالت إنه "عدم نجاحه في إبراز أي جديد فيما يتعلق بالملك، والاقتصاد المغربي على الرغم من محاولته حشو مادته الإعلامية عنوة بعلاقة افتراضية بين تطور بعض القطاعات الاقتصادية التي تشرف عليها إدارة قريبة من القصر الملكي وتباين المستوى الاجتماعي للمغاربة". وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن "المستجوبين في البرنامج غرقوا في تعداد مشاكل المجتمع المغربي العادية والمعروفة، كالرشوة وتدني مستوى التعليم، دون النجاح في الربط بين طريقة تسيير البلاد وهذه الآفات الاجتماعية".