مع مرور الأيام عن انسحاب حزب جيل جديد عن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، تتوسع فكرة مغادرة التنسيقية لدى الأحزاب المشكلة لها، خاصة على مستوى بعض القيادات التي ترى ضرورة الاستقالة من العمل السياسي بالنظر إلى عدم جدواه، خاصة في ظل قانون الانتخابات الذي عرضته الحكومة على البرلمان. بوادر ومؤشرات تفكك تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي وإن لم نقل تحللها النهائي باتت وشيكة، خاصة مع انسحاب جيل جديد، الذي يشكل أحد الأحزاب الجديدة التي برزت مؤخرا في الساحة السياسية، واستطاعت أن تصنع لها مكانة داخل تنسيقية المعارضة، رغم تمسكه بهيئة التشاور والمتابعة غير أنه يبدو على شكل تمسك إلى حين، حيث يرجع العديد من الملاحظين أسباب الأزمة التي تمر بها المعارضة رغم تمسك البعض بها، إلى أجندة الاستحقاقات القادمة. وقد انضم إلى سرب الملوحين بمغادرة تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، شيخ جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، الذي دعا -في تصريح صحافي على هامش إفطار جماعي بالجزائر العاصمة- الطبقة السياسية إلى الاستقالة الجماعية من العمل السياسي، بعد أن تأكد عدم وجود أي جدوى للعمل السياسي في البلاد، كما أكد جاب الله في تعليقه على القانون العضوي للانتخابات الذي سيعرض على البرلمان الأربعاء القادم، أن السلطة أثبتت -حسبه- أنها أعادت الجزائر إلى زمن الأحادية التعددية. الحسابات الانتخابية للمواعيد القادمة، هي السبب الرئيسي في فك عرى تلاحم تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، التي شكلت خلال السنوات الماضية جبهة المعارضة للسلطة، غير أنه مع مرور ما يزيد عن السنتين والنصف على ظهور هذه الجبهة، إلا أن تماسكها بدأ في التفكك يوما بعد يوم، حيث غادر حزب جيل جديد الهيئة التي يعمل تحت مظلتها، في وقت كانت حركة النهضة وهي واحدة من أكثر الأحزاب حركية ضمن التنسيقية عرفت سلسلة من الاستقالات التي تعكس توجها جديدا لقادتها، مما أدى بالتالي إلى إضعاف التنسيقية التي جمعت بين المتناقضات، وعلى رأسها حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة من جهة وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجيل جديد من جهة أخرى، حيث نجحت رغم كل ما يقال في وضع الخلافات الأيديولوجية جانبا، إلا أن هذا الجانب ما فتئ يظهر بين الحين والآخر، حيث يزيد من اتساع نطاق الشرخ داخل التنسيقية. ومن بين الأسباب التي قد تدفع بالبعض إلى طلب فك الارتباط بين أحزاب المعارضة، هو فشلها في استقطاب الجماهير، وهو الأمر الذي جمد فعالية العمل السياسي بداخل أحزاب المعارضة التي ظلت تركز في قصفها للسلطة على التشكيك في مصداقيتها وفي برنامجها وفي إنجازاتها، لكن ذلك التشكيك لم يغير من أمر المعارضة، ولم يحسن من وضعها تجاه الشارع ومقارنة بما يمكن للسلطة أو الموالاة إنجازه.