أفادت مصادر دبلوماسية أن الإجراءات الفرنسية الجديدة، المتخذة بشأن منح التأشيرات لصالح رجال الأعمال الجزائريين فاجأت الجهات الرسمية بالجزائر التي ''لم تبلغ ولم تستشر في هذا الأمر''، نافية علم هذه الأخيرة بجملة الضوابط المستحدثة لتأطير عملية منح '' الفيزا'' للتجار. واعتبر المصدر الذي أورد الخبر لوكالة الأنباء أمس، أن ''هذه الإجراءات ستثير موجة من الشكوك حول حسن نية أوساط الأعمال الوطنية''. خصوصا بعد أن استهدف القرار تحديدا، التجار الجزائريين دون غيرهم من طالبي الحصول على تأشيرات دخول التراب الفرنسي من جنسيات أخرى، كما أنه استبق التوصيات التي ستتمخض عقب الاجتماعات واللقاءات القنصلية التي من المرتقب أن تنطلق شهر فيفري المقبل، وهو الأمر الذي يحيل إلى طرح العديد من التساؤلات حول خلفية إرغام التجار بتقديم تصريح شرفي بعدم المطالبة بشهادة إقامة أو الاستفادة من الخدمات الاجتماعية أو الطبية في ملف الحصول على ''الفيزا''. في السياق ذاته، أكدت جهات مسؤولة من السفارة الفرنسية بالجزائر في تصريح ل ''البلاد''، أن ''الإجراءات المتبناة في عملية منح تأشيرات الدخول للتجار الجزائريين ليست عائقا ولن تمثل ضغطا كما يتم الترويج له، وإنما تهدف في المقام الأول إلى تبسيط وتسهيل المعاملات الإدارية وتحريرها من قبضة التعقيدات لا غير''. وسبق لوزارة الهجرة الفرنسية مؤخرا، أن وضعت خطة لخنق حركة التنقل نحو أراضيها عبر تشديد الرقابة على عمليات منح ''الفيزا'' بصيغة المدى القصير، كخطوة منها لضبط تدفق المهاجرين وكبح محاولات الهجرة غير الشرعية التي تتخذ من تسهيلات منح التأشيرات -حسب مصالح بريس اورتفو- سبيلا لفرض تمركزها على التراب الفرنسي . ويرى المراقبون للعلاقات الفرانكوجزائرية، أن الشكل العام الذي يظهر عليه تعاطي الحكومة الفرنسية مع ملف الهجرة وتحديدا فيما يرتبط بتقنين فضاء منح ''الفيزا'' للجزائريين. يأتي ليبرهن من جديد عن بداية فشل المفاوضات المعلن عنها حول مراجعة بنود الاتفاقية المشتركة حول الهجرة بين الجزائر وباريس، بإلحاح من ''الإليزيه'' وتحفظ من قصر ''المرادية''، حيث تعتمد دوائر القرار الفرنسية على مبدأ ''المقايضة''، بدليل تعمدها سن أحكام ضبطية مشددة لفائدة منح التأشيرة للجزائريين فقط دون استشارة المسؤولين الجزائريين، وهي المحاولة التي ترمي حسب السياسة الساركوزية، إلى وضع الآخرين أمام حتمية قبول المقترح الرابع المعدل لبعض البنود المدرجة ضمن نص الاتفاق الفرنسي الجزائري 1968 المعدل ثلاث مرات والذي من المفروض أن يقدم للجزائريين قانونا خاصا، حيث ينحصر الهدف الأساسي من المفاوضات المذكورة، في منح الفرنسيين الموجودين بالجزائر نفس التسهيلات المقدمة للرعايا الجزائريين المقيمين بفرنسا، بالمعنى التبادلي ومنطق المعاملة بالمثل، في حين أن الطرف الجزائري تحفظ على كافة المبادرات الرامية إلى ترسيخ معايير الهجرة الانتقائية على الجالية الجزائرية بسبب الخلفيات الكامنة وراء المطلب الفرنسي الذي يخدم مصالح باريس أولا قبل غيرها.