شرعت بلدان منطقة الساحل الإفريقي في التنسيق بين الهيئات الحكومية المختصة لمحاصرة انتشار الفكر المتطرّف في الوسط العقابي نتيجة العدد المتزايد للموقوفين في قضايا الإرهاب. ويبحث ممثلو البلدان المعنية في الجزائر التدابير الكفيلة بالتحكّم الجيّد في تسيير المؤسسات العقابية من خلال عرض الخبرات الدولية وبينها التجربة الجزائرية في الاستنجاد بأئمة معتدلين وملتزمين بالمساعدة في محاربة التطرف. وافتتحت أمس بالجزائر العاصمة أشغال الاجتماع الثاني لإدارات السجون لدول الساحل ودول الجوار، حيث سيناقش المشاركون أهم الطرق الكفيلة بوضع سياسات ناجعة في مجال تسيير المؤسسات العقابية وتكييفها وفقا للمعايير الدولية، خاصة مع تزايد نسبة الإجرام نتيجة انتشار الإرهاب. فعلى مدار ثلاثة أيام، سيعكف المشاركون في هذا الاجتماع المنظم من قبل ديوان الأممالمتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة على عرض تجاربهم في مجال تسيير المؤسسات العقابية في ظل تطبيق "القواعد الدنيا لمعاملة المحبوسين" الصادرة عن الهيئة الأممية عام 1975 والمعدلة سنة 2015 والمتعارف عليها ب«قواعد نيلسون مانديلا". وفي هذا الإطار، أوضح السيد باه كايتا، ممثل منظمة الصحة العالمية الذي ناب عن الممثل الدائم بالجزائر لديوان الأممالمتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، أن هذا الاجتماع الذي يأتي بعد الاجتماع الأول الذي كانت قد احتضنته العاصمة النيجيرية نيامي في نوفمبر 2014 يمثل "أرضية لتبادل الخبرات في مجال إدارة المؤسسات العقابية على مستوى دول الساحل والجوار". وشدد كايتا على أن المسائل المتعلقة بحماية المجتمع من تزايد نسب الإجرام وغياب البدائل للعقوبات المطبقة وارتفاع نسب الحبس المؤقت وكذا غياب الثقافة الصحية للمساجين وانتهاك حقوق الإنسان بالمؤسسات العقابية "تظل نقائص يتعين القضاء عليها من خلال تطبيق قواعد مانديلا" التي ترمي إلى توفير التغذية والصحة والتعليم والتكوين للمسجونين. كما لفت المسؤول الأممي إلى أن انتشار الإرهاب أدى إلى غياب الاستقرار بالكثير من دول الساحل والجوار واتساع رقعة الجريمة وهو"ما يدفع بهذه البلدان --أكثر من أي وقت مضى-- إلى وضع سياسات ناجعة في مجال المؤسسات العقابية وتكييف تسييرها وفقا للمعايير الدولية". وذكر كايتا بأن الأممالمتحدة كانت قد باشرت في مشروع "طموح" يهدف إلى مد يد العون لدول الساحل والجوار من أجل إصلاح النظام العقابي بها وهوالإطار الذي يندرج فيه الاجتماعين.