في آخر حصيلة للبنك المركزي وصل احتياطي العملات في الجزائر إلى 121 مليار دولار ، أي انخفاض بمعدل 30 مليار دولار في السنة منذ بداية الأزمة المالية سنة 2014 نتيجة انهيار أسعار المحروقات ، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض سنة 2017 و 2018 بنفس الوتيرة مع التوقعات المتشائمة لأسعار المحروقات في المدى المتوسط ، هذا يعني أننا أمام ثلاث سنوات فقط لاستنزاف الاحتياطي النقدي لأنه لا يمكن النزول تحت عتبة 30 مليار دولار التي تمثل مقابل كتلة "الدينار" في السوق المحلية . الحكومة تحاول جاهدة الخروج من هذا المأزق ، من خلال تخفيض فاتورة الاستيراد وتجميد مشاريع البنية التحتية والتقشف في التسيير ، لكنها تبقى إجراءات لشراء الوقت فقط ، ولا تعطي بديل حقيقي لبناء اقتصاد يحقق القيمة المضافة ، مشكلة الحكومة أنها تفكر من داخل الصندوق وتتخذ قرارات تقليدية ومتوقعة ، فيما عجزت عن تقديم أي إجراءات شجاعة أو إبداعية ، تصنع الديكليك المطلوب لتغير اتجاه الاقتصاد الوطني نحو النمو والجودة والتنافسية ،سواء في التصدير أو السياحة أو الصناعة أو الفلاحة، أو حتى في محاربة الفساد وتعزيز الحوكمة . الوقوع في المأزق الاقتصادي بعد سنتين أو ثلاثة على أحسن تقدير ، سيدخل البلاد في متاهات خطيرة سياسية واجتماعية وحتى أمنية ، نلاحظ اليوم معاناة مصر مع انحسار المداخيل وكيف انهار الجنيه المصري وسط انعدام في السلع الأساسية وضعف القدرة الشرائية ، ما ينذر باضطرابات اجتماعية وسياسية واسعة النطاق ، وهو جرس إنذار لنا بضرورة الإسراع في الخروج من وضع المراوحة الاقتصادية والقرارات الترقيعية التي لا تسمن أو تغني من جوع ، إلى خطوات اقتصادية جريئة ، والحكومة تعرف جيدا ما ينبغي القيام به ، وتعرف كيف تعيد بناء الثقة مع المواطن الذي يبقى في النهاية يتمتع بالذكاء والقدرة على التمييز بين النافع والفاسد . لماذا لا تفتح الحكومة نقاش واسع وتستمع لمئات الاقتراحات والمبادرات من كفاءات جزائرية لها حرص على الوطن ولا تهمها منفعة أو منصب ، لماذا لا تستمع لأصوات الناس ولمعاناتهم مع ارتفاع معدلات البطالة وانهيار القدرة الشرائية ، لماذا لا تٌشرك الجزائريين في تقرير مستقبلهم ، مع ضعف المجالس المنتخبة التي تنافق الحكومة وتسمعها ما تريد سماعه فقط -خاصة البرلمان-، الذي كان عليه أن يربط بين نبض الشارع ودواليب الحكم والتسيير ، وأن يكون قوة إقتراح ومراقبة ، وهو ما لم يحصل للأسف ! للتواصل مع الكاتب من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": https://www.facebook.com/anes87 أو من خلال البريد الإلكتروني: [email protected]