بوتفليقة في المسجد الأعظم في زيارة ميدانية للوقوف على تقدم المشروع ، ما يؤشر على تحسن ملحوظ في حالته الصحية، وعلى قدرة متزايدة لمتابعة شؤون الدولة ، اختيار هذا المشروع الإسلامي الرائد لتفقده لم يأتي اعتباطا، عند بوتفليقة المعروف برسائل "الزمان والمكان" لمن يهمه الأمر، خاصة بعد الحملة الكبيرة التي شنت على المسجد الأعظم من وسائل إعلام داخلية وخارجية لديها عقدة محيرة مع الإسلام والعربية . عودة النشاط الميداني للرئيس في الآونة الأخيرة ، ستنعكس على أداء مؤسسات الدولة التي عرفت نوع من التراخي والجمود في الفترة السابقة ، فدور سيد المرادية في ضبط الإيقاع الحكومي والتوازن بين السلطات من شأنه حلحلة القضايا العالقة ، و البداية كانت سياسية بامتياز مع إخراج سعداني "المشاغب" من المشهد، وإنهاء الفوضى التي سببها. تتزايد التوقعات عن إجراءات أخرى سيقدم عليها بوتفليقة لترتيب بيت الحكم وترسيخ الانسجام في السلطة التنفيذية ، لكن لم يظهر بعد شكل هذا التغيير وطبيعة المناصب المعنية ، ربما يدرك الرئيس أن التحدي الاقتصادي هو أهم ورشة تنتظره لطمأنة الجزائريين حول مستقبلهم ، مع أفول عهد المحروقات ، وعجز الحكومة لحد الآن ، في تصحيح اتجاه الاقتصاد الوطني نحو الإنتاج، وتنويع المداخيل من العملة الصعبة ، وهي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوضع المالي للدولة قبل فوات الأوان ! سياسيا نحن مقبلون على مواعيد انتخابية لتجديد البرلمان والمجالس المحلية ، وهنا يقف الرئيس أمام لحظة مفصلية ، فهل سيتمكن أخيرا من إرساء معادلات سياسية قابلة للحياة ، تستقطب المعارضة إلى العملية السياسية من جهة ، وتعيد تأهيل حزبي السلطة من جهة أخرى ، للوصول إلى برلمان تمثيلي يؤدي دوره بفعالية ، أم سنبقى في وضع التصحر السياسي، أمام أحزاب فارغة وبرلمان ضعيف، واستقالة شعبية من متاعب السياسة. يملك الرئيس على الأقل القدرة في التأثير على حزبي السلطة "الآفلان والأرندي" لاتخاذ إجراءات جديدة تعيد المصداقية للعملية الانتخابية، والبداية تكون بإرساء آليات شفافة تستطيع إفراز مرشحين لهم شعبية وقبول لدى المناضلين، ولإحداث قطيعة مع منطق "الشكارة والمعريفة "الذي ساد سابقا. ورشات أخرى تنتظر الرئيس كضمان استقلال العدالة وإخراجها من عهد الضغوطات ، بالإضافة إلى وضع قطاعي الصحة والتعليم في سكة صحيحة كقاطرة لمجتمع متماسك، وطبعا الالتفات إلى الإعلام الذي يشهد هو الأخر حالة تحول، سواء في البث الفضائي أو في المواقع الإلكترونية ، مع تضاءل نفوذ الصحف الورقية لصالح الإعلام الجديد ، ما يفرض تحديات كبيرة لتنظيم المشهد الإعلامي بشكل يضمن الحريات من جانب ، ويرفع مستوى المهنية والموضوعية من جانب آخر ، في وقت أصبح للإعلام سطوة غير مسبوقة وقدرة رهيبة على التأثير في الرأي العام. للتواصل مع الكاتب من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": https://www.facebook.com/anes87 أو من خلال البريد الإلكتروني: [email protected]