أثار سقوط الرئيس المصري حسني مبارك ردود فعل متباينة بين المثقفين والفنانين المصريين، مردها احتفاظ البعض منهم ب''ولاءات'' لما بات يعرف الآن ب''النظام السابق''. ومن بين هؤلاء الممثلان أحمد السقا وصابرين اللذين عبرا عن ''أسفهما'' لرحيل مبارك الذي لعب دورا مهما في المنطقة على حد زعمهما. وفي المقابل خرج الشاعر المصري الشهير أحمد فؤاد نجم معلقا على ما حدث بالقول إن ''عهد مبارك ولى إلى غير رجعة''، واصفا الرئيس المخلوع ب''رئيس العصابة''. وذهب إلى أبعد من ذلك حينما أكد أن الحكومة الانتقالية التي شكلها أحمد شفيق لإنقاذ النظام كانت مجرد مجموعة من اللصوص ضمت جميع الفاسدين الذين سرقوا قوت الشعب المصري. وعاد نجم للحديث عن الإجراءات التي اتخذها مبارك قبل سقوطه، واصفه إياها ب''المماطلة'' و''لعب عيال''. كما استذكر الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وقال إنه سبب في هذه الكارثة حين عين مبارك نائبا له في سبعينيات القرن الماضي. وأبدى الشاعر تفاؤله حيال مستقبل انتفاضة المصريين، وقال إن ''مصر لن تموت أبدا''. وفي سياق ردود الفعل، اعتبر بيان صادر عن اتحاد الكتاب المصريين أن سقوط حسني مبارك يمثل بداية عهد جديد في مصر، مطالبا بمحاكمة المفسدين واسترداد ثروات مصر والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي. وقال رئيس الاتحاد محمد سلماوي إن ثلاثة آلاف أديب من أعضاء الاتحاد يحيون شباب مصر الذين فجروا ثورة 25 جانفي الشعبية التي رفعت رأس مصر أمام العالم، مضيفا في خطاب للشباب، أن الأمة العربية بأسرها تتطلع إليهم بفخر واعتزاز، معتبرا أن عهد الاعتقالات قد مضى بلا رجعة، وأن الاتحاد لن يقف مكتوف الأيدي إزاء اعتقال أعضائه من أدباء وكتاب مصر الذين يعتبرون ضمير الأمة وعقلها المفكر. هيكل: عجلة التاريخ لن تتوقف بعد سقوط النظام اعتبر الكاتب محمد حسنين هيكل أن مصر تشهد ثورة شعبية حقيقية ولن تعود للوراء ولا يمكن تجبيرها عبر أي ترضيات من النظام الذي سقط قبل أسابيع، وليس الآن، رغم محاولته التظاهر بالتماسك، ولكن قد لا نرى حطامه الآن فوق الأرض، لأن ذلك يحتاج إلى وقت. وأكد أن أدواته كنظام فقدت فعاليتها، مضيفا أن الثورات عبر التاريخ تمر بمراحل تبدأ بتحديد المطالب، وأهمها سقوط السلطة، ثم تنضج حتى تتضح الرؤية أمامها لكيفية إدارة المستقبل، وقد انتصرت الثورة الفرنسية ولكن لم يرحل الملك ''لويس السادس عشر'' عمليا بنظامه إلا بعد سبع سنوات، ولكن الثورة المصرية لن تنتظر طويلا لأن التكنولوجيا جعلت عجلة الأحداث تتحرك سريعا. ويرى هيكل أن تونس لم تكن النموذج الذي ألهم المصريين، لأن مصر كانت تعيش موقفا ثوريا يختمر ويتفاعل، ولكن تونس كانت زنادا ما إن ضغط عليه حتى خرج الشباب المصري متحملين مخاطر مواجهة آلة الأمن وبطشها، وحتى خروجهم جاء بشكل لافت للنظر ومدروس من حيث التجمع واجتذاب الجمهور لوسط القاهرة. دعوات لتغيير اسم جائزة مبارك للآداب طالب عدد من مثقفي مصر أمس بتغيير اسم جائزة مبارك، وذلك في إطار التخلص من كل ما يرمز إلى الرئيس المصري المخلوع، والحفاظ على كرامة شعب مصر وثورة 25 جانفي. وطالب المثقفون بأن تحمل الجائزة اسما آخر وذلك ''بعد الجرائم التي ارتكبها مبارك بحق الشعب وشباب الثورة يوم سحب قوات الأمن من أنحاء الجمهورية وأطلق السجناء والمجرمين لترويع الأهالي الآمنين في بيوتهم بسائر المحافظات، وخداع الناس بخطاب كاذب في الوقت الذي أطلق البلطجية على المتظاهرين في ميدان التحرير''. من ناحية أخرى، أعرب الفنان الشاب أحمد عيد عن سعادته بتنحي مبارك، وبدء عهد جديد؛ بينما عبر الفنان حسن يوسف عن خشيته على مستقبل مصر بعد رحيل مبارك، معتبرا أن قرار مبارك بالتنحي يستحق الثناء والتقدير، خاصة أنه تنحى حقنا لدماء شعبه بعدما شعر بأن مصر ستدخل في معركة، وقد يكون هناك شهداء جدد، فآثر مصلحة الوطن ومصلحة أبنائه على مصلحته، على حد زعمه. ومن جانبه؛ أبدى الفنان آسر ياسين عن سعادته وفخره بإسقاط النظام على أيدي شباب مصر، معربا عن تفاؤله ببلاده خلال السنوات المقبلة، وأنها ستكون أفضل مما كانت عليه. ولم يختلف رأي الفنان أحمد عيد كثيرا الذي قال إن ثورة شباب التحرير قد حققت ثمارها الآن، وردد عبارة ''الله أكبر'' على المصريين الذين لم يغمض لهم جفن حتى تحققت أمنياتهم في إسقاط النظام من أجل حياة أفضل تحترم آدمية الإنسان. أما الفنان طلعت زكريا فقال إن خروج مبارك كان بشكل مشرف، ويدعو للفخر، ''وهذه ليست شهادتي أنا فقط، بل بشهادة الجيش ومعارضيه أيضا الذين أثنوا على طريقة تخليه عن كرسي الرئاسة''. وعن تولي القوات المسلحة حكم البلد بعد مبارك؛ قال طلعت إن القوات المسلحة ''حصن أمن وأمان، وإن كانت بالطبع لن تستمر كثيرا، بل هي فترة مؤقتة''، على حد قوله.