وضعت حكومة تبون بعد أسبوعين فقط من تسلم مهامها، أولى خطوات "حكومة الميدان عبر تبنيها استراتيجية جديدة ترتكز على خرجات فجائية تمكنهم من الوقوف على حقيقة قطاعاتهم بشكل مباشر بعيدا عن التقارير، حيث قام أكثر من وزير بزيارات فجائية بعيدا عن أعين رجال الإعلام قصد الإلمام بكل المعطيات المتعلقة بالقطاعات التي استلموها، لتقييم تركة الوزراء السابقين وتسطير اسراتيجية العمل بناء على توجيهات الوزير الأول عبد المجيد تبون مما يكرس أسلوبا جديدا في التسيير بإمكانه أن ينفض الغبار عن الكثير من السلبيات. وضعت التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة الجديدة الوزراء في حالة استنفار خاصة بعد أن وجه الوزير الأول عبد المجيد تبون مباشرة بعد استلام مهامه رسالة واضحة لطاقمه الحكومي، مفادها أنه يتعين عليهم التحرك يمينا وشمالا من أجل اتخاذ تدابير عملية لتصحيح بعض الاختلالات التي ظلت تعيق تنفيذ بعض القرارات، وأن التحول الاقتصادي الذي يعد ضروريا وعاجلا سيكون أولوية الطاقم الحكومي الجديد حتى لا يبقى وضع الجزائر مرهونا بتقلبات أسعار المحروقات، وهي الرسالة التي حركت عربة الوزراء بشكل سريع للخروج ميدانيا لتكريس حقيقة "رجال الميدان" الذين حضوا بثقة الرجل الأول في الجهاز التنفيذي، حيث شن عدد من وزراء حكومة تبون زيارات ميدانية مكثفة وأخرى فجائية لقطاعاتهم، مفضلين هذا الاسلوب للوقوف على حقيقة القطاع بدل دراسة التقارير المتعلقة بالمشاريع التي وضعت على طاولاتهم بعد استلام مهامهم وخلع للأبواب العازلة، إذ وضع الوزراء الجدد قطاعاتهم تحت مجهر "كاميراتهم المباشرة" للوقوف على الحقيقة كما هي وليس نقلاً مُزيفا يُغيب الحقيقة مما يضطر معاليه ألا يثِق إلا بعينه، وذلك لضبط برنامج عملهم وتحديد أولويات عملهم، وإعداد آلية واضحة تكفل المراقبة الفعالة والمستمرة لمدى الانضباط وحقيقة المشاريع المنجزة أو التي هي قيد الإنجاز بدل الاعتماد على ما يتلقونه من الأمناء العامين والمسؤولين بالوزارة. وكانت البداية مع وزير النقل والأشغال العمومية عبد القادر زعلان الذي لم ينتظر طويلا في مكتبه ليدشن أول خرجة له بزيارة مفاجئة بعيدا عن أعين الصحافة والكاميرات مفضلا مداهمة سرية لأهم محطة استراتيجية في القطاع، وهي المطار الدولي، حيث وقف على مشاريع التوسعة وحقيقة تسيير المطار، إلى جانب بعض المشاريع الطرقية، في رسالة واضحة مفادها أنه سيكون بالمرصاد للمسؤولين المتقاعسين. كما قلب وزير الصحة الجديد البروفيسور مختار حزبلاوي مستشفيات العاصمة بعد زيارات فجائية على خطى سلفه قادته لعدد من المستشفيات، وهي الزيارات التي صدمت الوزير بعد الصورة المؤسفة التي وقف عليها على مستوى مستشفى سليم زميرلي في أولى أيام رمضان، حيث دخل الوزير حزبلاوي قاعة الاستعجالات وقسم الأشعة، وقد صدم بمستوى التكفل الصحي بالمرضى على مستوى مختلف المصالح، حيث وقف على مشاهد مرضى يعانون من كسور ورضوض وآخرون في وضع خطير يستدعي تدخّلا طبّيا عاجلا مرميون في بهو قاعة الاستعجالات. وآخرون ينظرون دورا للتصوير بالأشعة في ظل وجود بروفيسور واحد، ووقف الوزير حزبلاوي خلالها على التجاوزات التي تحدث على مستوى المستشفيات والمصالح الاستشفائية والاستعجالات الطبية والمعاناة التي يتخبط فيها المرضى. وأصدر عقب ذلك أوامر بمحاسبة المسؤولين الغائبين عن دوامهم في تلك الزيارة ونفس الحال بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، كذلك كثف وزير الفلاحة والصيد البحري الجديد عبد القادر بوعزقي خرجاته الميادانية عبر عدة ولايات للوقوف عن قرب عن واقع القطاع الذي يعتبر من البدائل التي تعول عليها الحكومة لتطوير الاقتصاد الوطني. بدوره، وزير السكن يوسف شرفة وفي أول خرجة ميدانية له أشرف على حفل تسليم مفاتيح 3300 سكن بصيغة البيع بالإيجار بسيدي عبد الله بالجزائر العاصمة لفائدة مكتتبي عدل 1. وقال الوزير مطمئنا جميع المكتتبين، إن توزيع هذه الحصة الجديدة يعد إشارة قوية على تواصل البرنامج عبر كل ولايات الوطن وفق ما هو مسطر.