تشهد محطات النقل الحضري بالعاصمة فوضى لا منتهية، بعدما تخلت عن وظيفتها التي أنشأت لأجلها، بتقديم أبسط الخدمات للمواطن، الذي أضحت تنهكه يوميا متاعب التنقل من وإلى مقر عمله أو مكان قضاء حاجته، إذ باتت محطات النقل مكانا للفوضى ومرتعا للأوساخ التي أصبحت تشكل ''ديكورا'' لمشاهد يومية، جعلت مرتادوها يشكون صمت الجهات المعنية إزاء ما آلت إليه هذه المحطات. وتحمّل آراء العديد من المواطنين مسؤولية انتشار الفوضى داخل المحطات للناقلين الخواص الذين يستغلون فرص غياب أعوان الأمن لممارسة نشاطهم بالطرق التي تحلولهم، من أجل جمع المال دون الاكتراث بالمشاكل التي قد يسببونها للمسافرين. مظاهر الفوضى لا تستثني محطة عن أخرى والأوساخ تتصدر كل الأمكنة، كما هو الحال بالنسبة لمحطة بن عمر ببلدية القبة وهي من بين المحطات التي تعيش هذه الفوضى، فالمواطنون يشتكون كثيرا عبر الخط الرابط بين هذه المحطة ومحطة أول ماي، حيث أضحى موقف ''رويسو'' الذي هو في الأصل غير قانوني، النقطة السوداء التي اشتكى منها العديد من المواطنين، فكلما وصلت الحافلات لهذا الموقف اضطر ركابها للانتظار لمدة تفوق العشر دقائق، حيث يسعى صاحب الحافلة لجلب أكبر عدد ممكن من الركاب ضاربا عرض الحائط القانون الذي يمنع حمل أكثر من 10 مسافرين واقفين في ظل غياب المفتشين وأعوان الرقابة لفرض عقوبات ضد أصحاب النقل الحضري لمن تجاوز العدد القانوني للمسافرين والحد من مثل هذه التجاوزات الممارسة. كما أن أصحاب الحافلات اتخذوا من موقف ''الرويسو'' غير الشرعي محطة يصطفون فيها لملأ حافلاتهم، إلا في حال تواجد أعوان الأمن، فإنهم ينزلون الركاب في الموقف الموالي الذي يبعد مسافة طويلة عن موقف الرويسو، وهو الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات بين المسافرين وأصحاب الحافلات في الكثير من المرات، خاصة وأن الناقلين يقومون في نفس الوقت بجلب بعض المواطنين. ومن نفس المحطة نحو محطة ساحة الشهداء يشكو المواطنين من عدم تنظيم واحترام الناقلين للعدد القانوني للركاب، حيث لا تغادر الحافلة حتى تمتلئ عن آخرها، لدرجة أن عدد الركاب الواقفين يبلغ في بعض الأحيان 20 راكبا قبل أن تصل إلى الموقف الموالي، فضلا عن رفض الناقلين إنزال الزبائن بالمواقف التي عبرها وجهتهم كما هو الحال بالنسبة لموقف ''حي الينابيع''، حيث يتفاجأ المواطنون تارة بتوقف الحافلة وتارة أخرى برفض السائقين التوقف لهم. وهناك تجاوزات أخرى من قبل الناقلين الذين يتفادون الدخول إلى المحطات الرئيسية تفاديا لتضييع الوقت الذي يسببه الاكتظاظ قبل الدخول للمحطة، مثلما يحدث في معظم خطوط شرق أوغرب العاصمة، حيث يلجأ الناقلون إلى إنزال الركاب خارج المحطة، وأحيانا أمام مرآى أعوان الأمن على غرار محطة بن عكنون، عين البنيان، الشرافة، وصولا إلى بئر خادم، بروسات بحسين داي، الكاليتوس، الحراش، باب الزوار، وغيرها من المحطات. وفي سياق آخر، فإن بعض الناقلين يستعملون تذاكر عشوائية يدون فوقها اتجاه الخط والوجهة التي يقصدونها وفي الأصل هم ناقلون لخط آخر، وهو ما يحدث فعلا بالنسبة للخط الرابط بين محطة تافورة وحي 5 جويلية بباب الزوار، حيث يدون على التذكرة حمادي- تافورة. كما هو الشأن بالنسبة لخط بن عمر أول ماي، حيث تسلم للمواطن تذاكر لخط أول ماي عين النعجة، والغريب في كل هذا أننا اكتشفنا تذكرة لخط الكاليتوس 2 - ماي استخدمت لخط بن عمر- أول ماي. ولا تتوقف التجاوزات المعتمدة من قبل الناقلين عند هذا الحد فحسب، بل كثير منهم يتخذون من بعض المحاور مواقف له كما حال موقف عين الله، حيث يستعمل ناقلوالخط الرابط بين تافورة والقليعة هذا الموقف مع أنه في الأصل غير موجود. على صعيد آخر، فإن العديد من الحافلات التي يعمل بها الناقلون الخواص قديمة ومهترئة، وهي تعرض حياة المواطنين للخطر جراء الحوادث الممكن وقوعها في أية لحظة أمام غياب الرقابة التقنية المفروضة، ناهيك عن التعطلات الميكانيكية التي تحدث أثناء أوقات العمل والتي يدفع ثمنها المواطن الذي يصل متأخرا إلى المكان الذي يقصده تزيده هماّ على همّ.