من كان يعتقد أن أسواقا كان مجرد أن تحجز مكانا لبيع سيارتك فيها يتطلب منك المبيت ليلا في العراء، أصبحت اليوم خاوية. الداخل إليها و الخارج منها سواء، "لابيع ولا شراء". فالناس يتجمعون حلقات حول السيارات ولكن النقاش يتمحور حول الوضع الراهن للسوق بدل المساومة حول سعر السيارات المعروضة، والفضوليون أكثر من المشتريين. هذا ما يلاحظه الداخل الى سوق السيارات اليوم. ويعرف بيع السيارات حالة غير مسبوقة من الركود. ويبدو أن أسواق السيارات المستعملة الأكثر تاثراً بحملة مقاطعة السيارات "خليها تصدي" حيث يبدو العزوف جليا عن إقتناء المركبات من طرف المشتريين الذين فضلوا التريث تحسبا لإنهيار الأسعار بعد اعلان علامات على غرار "كيا " عن تخفيضات مهمة مؤخرا. و يمكن الملاحظة جليا أن المساومة على السيارات المرقمة ب سنوات 2016 2017 2018 باتت شيئا نادر الحدوث في حين أن عارضي السيارات المركبة محليا "بيكانتو" و " سامبول" و " ايبيزا" يعدون على الأصابع. جلهم قرر الإختفاء و من بقي يا إما متشبث بسعر أعلى مما تعرضه الوكالات بنسب تصل الى 15 بالمئة و إما متردد بين الإنتظار أو التضحية بنسبة من الخسارة خوفا من خسارة أكبر مستقبلا. و تنقسم أراء هؤلاء الباعة من الذين يعرضون أنواعا مستها مؤخرا تخفيضات في الأسعار إلى نوعين نصف متشبث بالأسعار المرتفعة ويحاجج المساومين بأن أغلب السيارات غير متوفرة في مستودعات الوكالات بالشكل الذي يغطي الطلب وبالتالي يطمئن إلى أن التخفيضات المعلنة غير مجدية وأن عددا كبيرا من المشتريين سيرجعون إلى السوق مجددا ليشتروا بالسعر المرتفع الذي يعرضه بعد ان ينصدموا - حسب ظنه- عند وكلاء السيارات بآجال تسليم طويلة أو بعدم توفر الطلبيات أساسا. في حين، يخشى فريق آخر من الباعة البيع بأقل قدر من الخسائر، وهم من اقتنوا سياراتهم بالأسعار المرتفعة القديمة. و يتحدث بعض الباعة هنا عن خسائر لا تقل عن 30 مليون سنتيم. هل تستمر المقاطعة الى الصيف ؟؟ في المقابل، يقترب فصل الصيف وهو موسم ترتفع فيه الأسعار عموما فأغلب المواطنيين ممن لا حاجة لهم الى سيارة في أيام العمل يلجأون لإقتناء واحدة في فصل الصيف لقضاء العطل رفقة احبابهم وعائلاتهم. و يبدو ان الخوف من عدم إيجاد سيارة مناسبة بسعر مناسب بإقتراب موسم الإصطياف سبب كافٍ لدفع عدد من المواطنيين للتردد الى الأسواق وتفحص الأسعار. خصوصا و أن بعض الأنواع عرفت تراجعا ملموسا وهي الفرصة ربما لاقتنائها عوض الندم في حال سيناريو أدى الى فشل حملة مقاطعة السيارات. لكن الملاحظ أن هؤلاء قلة في الأيام الحالية . ويبدو أن هنالك قناعة جماعية عند المشتريين ان السوق ستستمر في الإنهيار مع إستمرار حملات المقاطعة وأن السماسرة سيرضخون في النهاية وأن الحكومة ستتدخل لضبط سوق السيارات الجديدة.