انهيار غير مسبوق لأسعار سوق السيارات بقسنطينة يصف تجار السيارات عام 2013 بالسنة البيضاء وهناك شبه إجماع على أن الأسعار قد انهارت بشكل غير مسبوق مع توقع المزيد من الانخفاض بسبب ما يقولون عنه التخفيضات المبالغ فيها للوكلاء وتراجع عمليات شراء السيارات لتشبع السوق و أيضا لعدم وجود زيادات جديدة في الرواتب، حيث انخفضت أسعار السيارات الصغيرة والمتوسطة من خمسة إلى 15 مليون سنتيم بينما وصل الفارق في السيارات الفخمة إلى 50 مليون سنتيم. لم يعد يخفى على أي مواطن أن حركة سوق السيارات تعرف ركودا نسبيا وأن هذه الفترة غير مناسبة للبيع لكنها جيدة لمن يريدون شراء سيارات، وعادة ما تشهد حركة بيع وشراء السيارات بعد الصيف فتورا، إلا أن عام 2013 لم يعرف وفق ما قاله لنا تجار سوى الركود وظل منحنى الانخفاض في نزول مستمر إلى درجة الانهيار، حيث أكد من يعرضون سياراتهم من المواطنين وتجار السيارات القديمة والجديدة بسوق حامة بوزيان بقسنطينة، أمس، أن هذه السنة استثنائية كونها شهدت معطيات خلطت كل حسابات من يمتهنون النشاط . وقال لنا أحد أقدم تجار السيارات أنه لم يسبق وأن عرفت السوق معطيات كالتي سجلت خلال هذا العام بكل فصوله، معتبرا سوق حامة بوزيان بؤرة لكسر الأسعار ، حيث قال أن البيع لم يعد مقتصرا على تجار عرفوا بالمهنة منذ سنوات وإنما أصبح نشاطا سريا لمحامين وأطباء وأساتذة وموظفين وحتى مسؤولين وطلبة، وأضاف تاجر آخر "إن الناس اليوم أصبحت تكسب من النشاط أكثر مما يكسبه التاجر الفعلي كونهم يعملون بالتواطؤ مع وكلاء سيارات ويتصيدون فترات التخفيضات لاقتحام السوق" ولم يخف الكثيرون علمهم بوجود فئة تعمل بالتواطؤ مع وكلاء سيارات يحصلون دون غيرهم على المزايا وتسهيلات في اقتناء السيارات ثم بيعها، وتحدث آخرون عن دخول النساء المجال أيضا حتى وإن كنا لم نلاحظ وجود امرأة واحدة بالسوق بل إن تواجد صحفية بالمكان أثار الفضول. انخفاض من خمسة إلى خمسين مليون سنتيم في سوق الحامة سوق الحامة التي دخلناها في حدود العاشرة صباحا بدت أقل ازدحاما من المعتاد ،كون الكثيرين يغادرونها قبل العاشرة حسب ما قيل لنا بعين المكان، كون الأسعار المعروضة بعيدة كل البعد عن الأرقام التي يريدها باعة السيارات، حيث لاحظنا أن الجهة السفلى بها حركية أكبر من الجهة العليا لكون الجهة السفلي تعرض بها سيارات قديمة وصغيرة ومتوسطة بينما الجهة الأخرى يسمونها بسوق الأغنياء أين تباع السيارات الفخمة والرباعية الدفع، ومهما كان نوع البضاعة فإن تجار السوق بجزئيها يشتركون في هاجس واحد، وهو تراجع رهيب للأسعار، حيث علمنا أن الأسعار تراجعت بمبالغ لا تقل عن خمسة ملايين إلى 15 مليون بالنسبة للسيارات العادية ويرتفع الرقم كلما زادت قيمة السيارة إلى أن يصل إلى 50 مليون بالنسبة للأنواع الفخمة، حيث قال لنا من تحدثنا إليهم أن سيارة من نوع "بولو" المطلوبة كثيرا في السوق نزل سعرها بعشرة ملايين سنتيم وقدر التراجع بالنسبة لسيارة من نوع "إيبيزا" من 12 إلى 17 مليون سنتيم، وكان الضرر في سيارة من نوع 207 أقل نسبيا بفارق خمسة ملايين سنتيم وكذلك الأمر بالنسبة ل"بيكانتو"، هذا عندما يتعلق الأمر بسيارة جديدة لا يزيد عمرها عن السنتين. محامون و أساتذة وأطباء ينافسون تجار السيارات وإن كان البعض يرى بأن العلامات المطلوبة في السوق لم تعد كذلك بعد انهيار الأسعار وأن الضرر يشمل كل الأنواع، أكد آخرون أن أنواع معينة لا تزال مطلوبة نسبيا مقارنة بأخرى، مثل "لوغان" و "سيمبول" و"207" وأيضا "إيبيزا" "بولو" و""208 وكذلك "بيكانتو القديمة" و"آكسنت" بدرجة أقل. و نحن نتجول داخل المكان سألنا عن الأسعار المتداولة والتي كانت سببا في عزوف الكثيرين عن البيع إلا في حالات اضطرارية وأفادنا المعنيون أن الخسارة في أحسن الحالات تقدر بمليونين سنتيم وأنهم يضطرون للبيع حتى لا تجمد أموالهم . فقد وجدنا مثلا، أن سيارة من نوع سيمبول سنة 2009 آخر رقم قدم بها هو 87 مليون سنتيم وفق ما أكده عارضها، وبلغ سعر 307 سنة، 2004، 85 مليون سنتيم، بينما كان سعرها السنة الماضية لا يقل عن 100 مليون سنتيم. سيارة أسكنت،2009، آخر سعر قدم فيها هو 74 مليون سنتيم، سيمبول ،2012، لم ينزل الرقم في حالتها عن 87مليون سنتيم، أما بيكانتو ،2007، بلغ 80 مليون سنتيم، ونفس السعر قدم في بيكانتو 2011 ، وقال لنا تاجر آخر أنه طلب في سيارة من نوع "207" ،2012، 145مليون سنتيم لكن العروض لم تتعد 120 مليون سنتيم أي بفارق 20 مليون سنتيم عن قيمتها الحقيقية التي قدرها بائعها طبعا. سيارة سامبول الجديدة وصلت، حسب ما قيل لنا، إلى 97 مليون سنتيم رغم أنها قد دخلت السوق بسعر103 ملايين سنتيم سيارة إيبيزا بيعت ب100 مليون، سيارة "بولو" جديدة تعرض بسعر 166 ولم يقدم فيها أكثر من 160 مليون سنتيم في أحسن الحالات، سيارة كبيرة من نوع تيغوان ذائعة الصيت نزل سعرها من 440 مليون سنتيم إلى 360 مليون سنتيم في فترة قصيرة جدا وفق ما علم من أوساط التجار الذين أكدوا أن "رينج روفر" كانت تباع بحوالي 600 مليون سنتيم وبلغ سعرها 520 مليون سنتيم. كما لاحظنا أن الأنواع التي كانت مفقودة لدى الوكلاء والتي يتطلب اقتناؤها الانتظار لأشهر وربما أكثر من سنة قد أصبحت متوفرة وتسلم في أسابيع بعد أن كان الحصول عليها يدفع نحو السوق السوداء وجعلها تباع في الأرصفة مثل الخبز والحليب وبفارق أسعار يصل عشرة ملايين سنتيم، لذلك فإن عدد السيارات الجديدة داخل سوق السيارات يعرف تراجعا ملحوظا مقارنة بما لاحظناه العام الماضي مثلا. توقف صب زيادات الرواتب يؤدي إلى تراجع الطلب وقد تفاوتت تفسيرات التجار لأسباب انخفاض الأسعار وعدم استقرارها طيلة السنة الجارية حيث تحدث البعض عن منافسة قوية للوكلاء وتعمدهم تخفيض الأسعار بشكل مستمر وفي فترات متقاربة وبنسب غير منطقية، ومنهم من قال أن التخفيضات مبرمجة وتأتي مباشرة بعد اقتناء عدد معتبر من السيارات وطرحها في السوق لكسر الأسعار، في حين اعتبر آخرون الظروف الاجتماعية سببا في الركود وأكدوا أن هناك محدودية في الاستهلاك في مختلف البضائع، بينما أشار عدد من التجار أن السوق تشبعت وعدد السيارات ارتفع بشكل كبير. كما كان للبعض طرح آخر متعلق بتوقف الزيادات في الرواتب وتوابعها المالية والتي أغلبها صرف في اقتناء سيارات وكان سببا في انتعاش نشاط وكلاء السيارات والسوق عموما، كما طرح تفسير آخر يتعلق بطريقة البيع بالتقسيط التي اعتمدها وكلاء سيارات صينية صغيرة ومنخفضة الثمن ومزايا بيع مريحة لفئة المعلمين. واللافت أننا وجدنا التجار منقسمين بين مطالب بفتح المجال لدخول سيارات مستوردة أقل من ثلاث سنوات لوضع حد لما يسمونه باحتكار الوكلاء ،وبين رافض للفكرة كونها برأيهم تغرق السوق بسيارات مزورة عبر شبكات دولية ،ووجدنا حالة من الاختلاف في موقف التجار حول الوكلاء وطرق عملهم، بحديث البعض عن طرق ملتوية لضمان السوق بينما يرى بعض الباعة أنه أمر منطقي ما دام لا يخرق قوانين البيع والشراء ولا يخالف القانون.