أوضح وزير العلاقات مع البرلمان، محجوب بدة، أن مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية سيمنح استقلالية أكبر للمسيرين بما يكرس مبادئ التقييم ومراقبة الأداء. وقال بدة أمس الأربعاء، نيابة عن وزير المالية عبد الرحمان راوية المتواجد خارج الجزائر في مهمة، إن مشروعا يرتكز على مبدأ الموازنة ليس من حيث طبيعة النفقات كما هو الوضع في القوانين السائرة حاليا ستصبح وفق هذا القانون الجديد بمبدأ الموازنة الموجهة نحو النتائج انطلاقا من أهداف محددة مسبقا. وأكد بدة أن المشروع من شأنه تحسين العلاقة بين الحكومة والبرلمان فيما يخص ملف ميزانية الدولة، مما سيضفي مزيدا من الشفافية على تسيير المالية العمومية، حيث سيتمكن نواب الشعب من الاطلاع على الميزانيات وطريقة تسييرها. وفي هذا الصدد أوضح الوزير أن الحكومة ستكون مستقبلا مطالبة بعرض تقرير على البرلمان حول التسيير الجاري للمالية العمومية ابتداء من الربيع، بالإضافة إلى هذا سيتم تدريجيا تقليص مدة السنة المرجعية لمناقشة قانون تسوية الميزانية من السنة التي تسبق مناقشة القانون بثلاث سنوات أي "ن 3" حاليا إلى السنة التي تسبق مناقشة القانون بسنة واحدة فقط "ن 1". مشيرا إلى أن تطبيق الأحكام المتضمنة في مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية يقتضي تحضيرات مسبقة هامة، وبناء عليه فإن هذه المعايير الجديدة لن تدخل التطبيق إلا ابتداء من 2022 بالنسبة لقانون المالية 2023. ومن جانبه انتقد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال، جلول جودي، مشروع القانون العضوي للمالية خاصة المادة 2 التي قال إنها اعتداء صارخ على الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، لاسيما أن القانون ينص صراحة على أن تحضير ميزانية القطاعات يكون على أساس الأهداف وليس الحاجيات كما كان معمولا به في وقت سابق. والشيء نفسه بالنسبة للمادة 26 التي تعد "انقلابا حقيقيا على إرادة الشعب" حسبه فمن غير المعقول أن يتصرف وزير المالية في ميزانية الوزارات، وهذا بعد مصادقة البرلمان عليه. وانتقد جودي أن يكون قانون المالية لسنة 2023 أول قانون يحضر ويناقش وينفذ وفقا لهذا القانون العضوي، مستدلا بذلك بالتغيرات المالية التي يمكن أن تحدث قائلا "قانون المالية لسنة 2017 حدد السعر المرجعي 50 دولارا واليوم برميل البترول تجاوز 80 دولارا فمن غير المعقول أن يعيش الشعب مرحلة تقشف والخزينة منتعشة". والأمر نفسه ذهب إليه سليمان سعدواي الذي لم يتوان عن انتقاد مشروع القانون، خاصة أن تطبيقه سيكون بعد 3 سنوات، متسائلا عن الضمانات التي تحمي ميزانية الدولة مستقبلا مصرحا "إلى أي حد يضمن النظام السياسي القادم، ومن غير المعقول أن يصادق نائب على قانون مبني للمجهول". واستغرب سعداوي كيفية مناقشة النواب قانونا سيكون في شكل برامج تجسد السياسات العمومية وبرامج فرعية تحدد الوسائل المسخرة لتنفيذ هذه السياسات وأنشطة تفصل في كيفيات استخدام هذه الوسائل وهو غير موجود في الميدان. واعتبر لخضر بن خلاف، النائب عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، أن التحدي الأكبر الذي سيواجهه هذا القانون إلى جانب تغيير الثقافة والذهنيات وتثمين الرقابة على المال العام هو تفعيل وتعميق الشفافية في صرف المال العام، خاصة والجزائر اليوم هي في ذيل الترتيب عالميا في مجال شفافية الموازنة، سواء في إعدادها أو إنفاقها وهذا في "غياب تام لدور البرلمان" الذي يقتصر في المصادقة عليها فقط. وقال ناصر حمدادوش إن هذا المشروع لم يأتِ بجديدٍ فيما يتعلّق بالمصادر الجديدة وغير التقليدية لتمويل الميزانية والخزينة، واكتفى بالمصادر التقليدية السابقة، وهو ما يعني أنه لم يراعِ البيئة الاجتماعية والخصوصية الثقافية والبُعد الديني للشعب الجزائري، بالاعتماد على القروض بنسب الفائدة، وهو ما يعني انعدام الإرادة السياسية في الذهاب إلى البنوك والمصارف والمنتجات الإسلامية، بالرغم من الإدّعاءات الكبيرة بذلك في مخطط عمل الحكومة وتعديل قانون النقد والقرض وقانون المالية لسنة 2018.