وصف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني أمس، تقرير الخارجية الأمريكية بالمبالغ فيه، رغم استناده إلى تقارير اللجنة ومنها إفراط القضاء الجزائري في الحبس الاحتياطي. وقال في تصريح ل''البلاد'' ردا على ما ورد في التقرير بأنه ''غير صحيح ثم إنه لم يدرج التحسينات التي بادرت بها السلطات في الميزان''. وحدد مسؤول اللجنة الحكومية لحماية حقوق الإنسان مكامن المبالغة في الإشارة إلى وضعية السجون والقول بأنها لا تستجيب للمعايير الدولية، أو القول بأن القضاة يفتقدون للاستقلالية. وأقر قسنطيني مع ذلك بوجود بعض الجوانب الحقيقية في التقرير ومنها المبالغة في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي في بلادنا، وتحدث في هذا الخصوص بأن اللوح ليس أسود والأمر مازال مبالغا فيه، لكن يجري إصلاح الوضع حسب قوله. واستطرد قائلا وضعية حقوق الإنسان في بلادنا متواضعة وأمامنا خطوات كبيرة يجب القيام بها. وقال ردا على حديث التقرير عن قيود حرية الصحافة والتعبير، إن تلك الحقوق مضمونة في بلادنا ولو أنها تتضمن بعض النقائص، لكنه أشار إلى أهمية المضي في انفتاح أكبر على قطاع السمعي البصري، ورأى أنه من الضروري جدا فتح التلفزة والإذاعة أمام المعارضة وإلا تبقى محتكرة أمام المعارضة، وأسف قسنطيني لتجاهل الخارجية الأمريكية وجود إرادة سياسية لتحسين الوضع. ورغم أن تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع حقوق الإنسان في الجزائر حمل بعض المؤشرات الإيجابية، إلا أنه وصفه لواقع الجزائر على العموم كان سلبيا، وخصوصا في مجالات الحريات السياسية والعمل النقابي والإعلام ووضع السجون. وأوضحت الخارجية الأمريكية في تقريرها الخاص بالجزائر لعام 2010 والمكون من 35 ورقة، أن الانشغال الرئيسي حول وضع حقوق الإنسان في الجزائر يضم الحد من حق التجمع وإنشاء جمعيات، والقدرة على تغيير النظام بطريقة سلمية أي الانتخابات. ولم تشر كتابة الدولة إلى الخطوات الهامة التي اتخذت من قبل الحكومة وخصوصا رفع حالة الطوارئ في بلادنا والحراك السياسي الداخلي منذ مطلع السنة. وأعادت في مقدمة التقرير معظم الاستنتاجات التي صدرت في تقاريرها السابقة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي ارتكبت في حق محتجزين في مقرات الشرطة، بتسجيل حالات وفاة بسبب سوء المعاملة لكنها اعترفت بأن المتسببين في الوفيات عوقبوا نظير ذلك. وفي الوضع الأمني يشير التقرير إلى صعوبة التأكد من المعلومات الخاصة بالتطورات الميدانية من جهات مستقلة، وأن وزارة الداخلية تصدر بيانات أحيانا تضم عدد القتلى من الإرهابيين المدنيين ومصالح الأمن. واعتمادا على الجرد السنوي الصادر في الصحف الوطنية، تورد كتابة الدولة أن قوات الأمن تمكنت من قتل وجرح واعتقال 1935 إرهابيا مشتبها فيهم. وسجل في تلك الفترة موت 619 شخصا منهم 65 مدنيا و71 عنصرا من قوات الأمن و463 إرهابيا، في تراجع ملحوظ مقارنة بسنة 2009 والتي سجل فيها مقتل .804 وأغفلت كتابة الدولة مجددا الإشارة إلى التعاون الأمني بين البلدين، عكس التقارير التي كانت تصدر في عهد الجمهوريين. وتحدث التقرير عن وضعية الصحافة واستمرار المضايقات في حق الصحفيين والمراسلين واستدلت بحالة مراسل ''البلاد'' في الشلف الذي صدر في حقه حكم شهرين حبسا غير نافذ. وبرغم الانتقادات أشارت كتابة الدولة إلى أن أحزاب المعارضة ومنها الإسلامية تحصل على مساحة من التغطية. كما تحدث التقرير عن استمرار القيود على العمل السياسي من خلال رفض اعتماد أحزاب جديدة واستدل بحالة حزب الحرية والعدالة الذي لم يحصل بعد على التصريح بالنشاط السياسي الشرعي.