قبل نحو عشرين سنة كان الحديث يدور عن نقابة العمال، عن أكبر تنظيم عمالي في الجزائر، ونقصد بذلك الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وبمرور عصر ''الرفاهية النقابية'' التي استفادت من ريع الأحادية في ''النضال'' النقابي، تحوّل المشهد إلى عمال في النقابة وكفى··· بمعنى نقابيون بلا قضية ولا نضال·حتى المشهد الحالي الذي يزخر بتعدد الألوان النقابية لم يسلم من السباق على المواقع، بعدما تبين أن صراع المكاسب يجري في بعض القطاعات على حساب القضايا الأساسية للطبقة العاملة·· صحيح أنه من الطبيعي التسابق على المواقع، وأن النقابات من حقها التنافس لكسب التمثيل الواسع الذي يمنحها قوة الطرح أمام الطرف الآخر، لكن هذا لا يجب أن يسقطها في المطبات نفسها التي وقع فيها الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عملاق العمل النقابي في الجزائر الذي حوله البعض وبفعل سباق المناصب إلى اتحاد سياسي فكان أشبه إلى الحزب تارة وإلى الوزارة تارة أخرى· والمواطن لا يفهم كيف لنقابيين ينتمون لأحزاب تمثل غالبية الحكومة التواجد في الوقت نفسه بالبرلمان والنقابة والحكومة، هل هي نقابة الحكومة والبرلمان والعمال في آن واحد؟؟إن تجربة التعددية النقابية فرضها الأمر الواقع خلال السنوات الماضية، وتبين أن الموظف أو العامل أو المواطن بصفة عامة لا يمكنه القبول بالتمثيل الصوري، سواء للاتحاد العام للعمال الجزائريين أو نقابات مستقلة أخرى اندثرت أو تقزّم تمثليها بسبب وقوعها في مطبات سياسية وحسابات حزبية·لقد ظلت السلطة مواظبة على منح النقابة ''الأم'' إكسير الحياة، لإدراكها أن من يملك العمال يملك الشارع، وعندما ضعفت النقابة بفعل المتغيرات الداخلية والخارجية، انفرط عقد الجبهة الاجتماعية وما عادت المركزية النقابية تشكل المرجعية النقابية والعمالية في حسابات أي طرف·· وما نراه اليوم من احتجاجات عمالية هي تراكمات التمثيل النقابي الصوري الذي أشرنا إليه آنفا·