البلاد - هبة داودي - عاشت مالي، التي تعد بوابة جنوبية للجزائر، وامتدادا وعمقا استراتيجيا، تفاعلات أمنية خطيرة، تعكس تصاعد نشاط المجموعات المسلحة التي أعادت تنظيم وهيكلة نفسها، في اطار ما يعرف بجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، حيث أعلنت وكالات الأنباء أن مسلحين سيطروا على قاعدة عسكرية في مالي، أمس الأحد، وقتلوا 16 جنديا على الأقل، حيث تعد الحصيلة الأثقل منذ سنوات والأخطر أيضا، مما يكشف عن إعادة انتشار ونشاط التنظيمات المسلحة الإرهابية على أبواب الحدود الجنوبيةالجزائرية. وتعد العملية الارهابية الخطيرة انعكاسا للتحديات التي تواجه المنطقة، حيث لا تعد الأولى من نوعها، التي تستهدف وحدات عسكرية مالية وافريقية بالخصوص، حيث شهدت منطقة وسط مالي عمليات استهدفت القوات الإفريقية، المنضوية في إطار ما يعرف بعملية "برخان"، التي أطلقتها فرنسا، امتدادا لعملية "سيرفال"، ففي جوان 2018 مست عملية مقر القوة في بلدة سيفاري، وسط مالي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، مع الإشارة إلى أن القوة العسكرية الإفريقية المكونة من خمسة آلاف جندي، بدأت عملها سنة 2017، وتضم دول مالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر وموريتانيا، بهدف مواجهة "الجماعات الجهادية" في المنطقة. وتنشط بالمنطقة عدة مجموعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة و«داعش" في مالي، وتأتي العملية كمؤشر على التصعيد، خاصة بعد إعلان فرنسا في 21 فيفري 2019 مقتل الجزائري جمال عكاشة المعروف ب "يحيى أبو الهمام"، أمير إمارة الصحراء في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، على يد القوات الفرنسية الموجودة في منطقة الساحل الأفريقي. ويصنف يحيى أبو الهمام كأحد القادة الصقور في تنظيم القاعدة، ومن القيادات الأولى للتنظيم التي وصلت إلى الصحراء في النصف الثاني من عام 2004، برفقة أمير كتيبة الملثمين مختار بلمختار وأكثر من ذلك، كان نائبا لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم القاعدة، والتي تنشط في منطقة الساحل والصحراء اللإفريقية، وتستهدف القوات الفرنسية والمالية والإفريقية، والتي توجه إليها أصابع الإتهام في العملية الجديدة، علما أن التنظيم البارز منذ 2017 نتاج اندماج أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل، تتمثل في "أنصار الدين" و«كتيبة المرابطون" و«إمارة منطقة الصحراء الكبرى" و«كتائب ماسينا". ومنذ عام 2014، تنشر فرنسا 4500 جندي في الساحل في إطار عملية "برخان"، التي تهدف إلى مكافحة المجموعات الإرهابية في المنطقة وفي الصحراء الكبرى، والتي تهدد عدة مناطق في الساحل الإفريقي والى جنوبالجزائر وموريتانيا. ورغم التدخل العسكري الفرنسي في عام 2013، الذي سمح باستعادة شمال مالي من الجماعات المسلحة، لا تزال مناطق كاملة من البلاد خارجة عن سيطرة القوات المالية والأجنبية، وتتعرض إلى هجمات بشكل دوري. وانتقلت الهجمات تدريجيا من الشمال نحو وسط وجنوبمالي، ومنذ وقت قصير وصلت إلى النيجر وبوركينافاسو والتشاد، فيما لا يستبعد المراقبون نية استهداف الأراضي الجزائرية، لاسيما وأن الجيش الوطني الشعبي نجح في كشف عشرات المخابئ للأسلحة في الأشهر الماضية.
الدكتور فريد هدير: ما حدث سيكون له تأثير سلبي جدا على الجزائر واعتبر أستاذ العلوم السياسية الدكتور فريد هدير، اقتحام مسلحين ثكنة عسكرية في مالي وقتل 16 جنديا، اختراقا أمنيا خطيرا، مضيفا في تصريح ل "البلاد" أنه "دليل على فشل الاتفاق الجاري بين الفرقاء، والمعلومات التي كانت لدي منذ عقد الاتفاق هي أن هذا الأخير سطحي جدا، لأنه لم تفصل فيه المكونات الحقيقية لمالي، لأن هذا البلد تحكمه قبائل، والقبائل الفاعلة هناك لم تكن حاضرة في الاتفاق، وبالتالي حكم على هذا الأخير بالفشل، فالدول الكبرى تريد أن تبقى مالي منطقة رمادية، يمكن تفعيلها في أي لحظة، من أجل السيطرة على الثروات الموجودة في هذه المنطقة خاصة الذهب واليورانيوم". ولم يخف الدكتور هديل أن العملية التي حدثت في مالي، سيكون لها تأثير على الجزائر، "لدينا 1700 كم على الحدود الجزائريةالمالية والنيجيرية، وهذا سيكون له تأثير جد سلبي، بالرغم من القوات المرابطة والمتواجدة هناك، إلا أن 1700 كم لا يمكن توفير الأمن 100 في المئة فيها، لأن جحافل المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون الى الجزائر يبرهن أن الحدود لا يمكن مرابطتها والسيطرة عليها بشكل كلي".