دق باحثون مختصون في الإعلام ناقوس الخطر من التدفق السريع للمعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي وأيضا وسائط الإعلام الجديد، ودورها في صناعة وتشكيل الرأي العام وتأثيرها على مواقف الشعوب، حيث أوضح الباحثون أن سوء استغلال هذه المعلومات وعدم التحري في مصداقيتها ومصادرها من شأنه أن يمثل تهديدا للدول وقيّم المجتمع، وفي نفس الوقت هو ضرب بمصداقية الصحافة التي تعتبر مرآة منيرة للمجتمعات. جاء إبراز هذه المشكلات خلال الملتقى الوطني الثاني حول "الإعلام الجديد وصناعة الرأي العام" من تنظيم فرقة البحث التي يترأسها الدكتور طالب كيحول بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية شعبة الإعلام والاتصال بجامعة الجيلالي بونعامة بخميس مليانة التابعة لمخبر البحث "الإعلام، الرأي العام وصناعة القيّم"، وقد أشرف على افتتاح الملتقى كل من مدير الجامعة البروفيسور الحاج عيلام وعميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية ومدير مخبر الإعلام ورئيس الملتقى، حيث طرحت هذه التظاهرة العلمية الذي يعدّ الأول من نوعه بالموازاة مع الاستخدامات المكثفة لوسائط الإعلام الجديد ومنصات التواصل الاجتماعي في ظل الظروف الراهنة السياسية في الجزائر من حراك ومطالب شعبية بتغيير الأوضاع في البلاد، إشكالية تتمحور حول دور وسائل الإعلام الجديد في صناعة الرأي العام وتكوينه في البيئة الافتراضية يتميز جمهورها بالتشتت وغير معروف بشكل كلي، وطرح الباحثون ضمن هذه الإشكالية المحورية عدة قضايا على رأسها علاقة منصات الاجتماعي بخلق الرأي العام الافتراضي، وتوصلوا إلى تحديد دورها الكبير والخطير في التعبير عن الاتجاهات والأفكار داخل المجتمع في ظل حوار افتراضي خلقه الروتين اليومي لهذه التقنيات الجديدة للميديا. في سياق متصل، تطرقت دراسات باحثين آخرين إلى علاقة الميديا الجديدة بالأداء المهني للصحفيين بين ضرورة التغيير والحفاظ على الهوية وما أحدثته من تغييرات سواء ايجابية أو سلبية على مهنة الصحافة، وأبرزوا أيضا خطورة التدفق السريع للمعلومات عبر هذه الشبكات ومدى مصداقيتها والتأثر بها وإشكالية استغلالها من قبل الإعلاميين لاسيما في ظل المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام والتسابق نحو تحقيق الاستقطاب للجماهير، دون مراعاة للموضوعية وتحري الحقيقة وذلك ما يؤثر سلبا على تشكيل مواقف الجمهور في حال "المعلومات المغلوطة أو الفيروسية"، ودعوا في هذا الصدد إلى الضرورة الملحة للعودة إلى التنظيم الذاتي والأخلاقي لمهنة الصحافة، كما أوصوا بضرورة الأخذ بعين الاعتبار التحولات في الثورة الرقمية وتحين الأداء الإعلامي وتحمل المسؤوليات الأخلاقية في بناء المضامين الإعلامية، مع ضرورة إيجاد مناهج جديدة لتحليل الإعلام الجديد وتكثيف تقديرات وتأثيرات هذا الإعلام على المجتمعات والدول. وفي الأخير دعا الملتقى صناع الإعلام إلى ضرورة الاتفاق على سلسلة من القضايا العامة التي تشكل عملية صنع القرار بشكل أخلاقي في وسائل الإعلام الجديدة.