أفضل نسبة انتخاب في الرئاسيات سجلتها البلديات الفقيرة، وقس عليها الدوائر (والمربعات) والولايات. وعكسها بالطبع سجلتها البلديات الغنية! هذا ما تقوله النسب كما حسب زرهوني وزير الداخلية.. الذي يكون قد رفع شعار كل من انتخب كسب! وعندما يتولى الأميار خلط الآحاد مع الأصفار استجابة لأوامر الباب العالي بأن كل بلدية تحقق نسبة أعلى في سلم النقاط الانتخابية تحصل مقابلها على مشاريع أوفر وأكبر ولو كانت من باب مشاريع الحفر وإعادة الحفر، فإن الانتخاب نفسه كحدث يتم كل خمس سنوات أو يعيد نفسه سيشكل أداة للتوازن الجهوي. وهذا بالطبع إذا ما طبق الوعد الذي قال ''ادعوني استجب لكم'' خاصة أن شروط الدعوة (الأرضية) وليست الدعوة السماوية أصبحت متوفرة بمجرد حشو صندوق الانتخاب بالأوراق! وهي مهمة لا ينظر إليها على كونها شاقة ومتعبة، وإن كانت أمانة لمن يعرف حقيقتها يسأل عنها يوم القيامة (أو كما قال الفيس المحظور والمقبور) بعد أن خرج من الجحور للدعوة لعدم تحقيق التوازن الجهوي بعدم التوجه إلى الصناديق لكي تضيق! المجتمع أصبح مجتمعين مع واحد مفيد يمثل الأغلبية الساحقة، وآخر غير مفيد يمثل الأغلبية المسحوقة! والمصيبة أن كلا المجتمعين متجاوران وقد يتقاسمان البلدية نفسها التي تنتمي للقرون الوسطى أو البلدية التي تنتمي للعهد الجديد! حتى ولو رأينا أن الكبار مثلا انتخبوا في مكاتب حيدرة والأبيار، وليس في براقي التي تعتبر بلدية نصف رعوية حضرية على حافة العاصمة، ومصنفة ضمن البلديات الأكثر فقرا في البلاد، حسب خريطة الفقر نفسها التي رسمها ولد عباس (وأبوه) وراح يصبّر الناس ويحذّرهم من الوسواس تجاه الحكومة! ومادام أن حظ أي بلدية من المشاريع وحتى ترقية دائرة إلى ولاية منتدبة ضمن مشروع معلن عنه قد أصبح رهينة ملء الصندوق بورق الانتخاب وحتى الأعناب، فإن ذلك لن يحل الخلل الموجود في التوازن بين الجهات. وهذا على الأقل بالنظر إلى دراسة تعليمة سابقة تقول إن أولاد الأغنياء أكثر عنفا من أولاد الفقراء في المدارس، وقس عليها خارجها، بما فيه السعي للحصول على معدل 17 لو بالدبزة ''القفازة'' مما يعكس عقلية القوم في الأعلى بأسرها، بعد أن حفظوا عن أوليائهم أسلوب ممارسة الحفرة والعنف، وأخذ ما ليس من حقهم، وحتى انتظار خبزة شعير ساخنة تسقط عليهم وهم نيام بعد أن يروها في المنام! ومعنى هذا أن ملء صندوق الانتخاب من قبل الذين غلبوا لن يفيدهم في أكثر الحالات إلا بما يفيدنا ارتفاع سعر البترول، كما يقول الخليل (شكيب) حيث لا تذهب كل أربعة دولار تجنى من لحيته إلا دولارا واحدا للبلد المنتج! والثلاثة الأخرى تذهب للمنتج والسمسار وبلده الحر! مما يجبر الحكام إن كانوا جادين بالفعل على البحث عن أسلوب آخر لإعادة توزيع ما تدرّه البقرة قبل أن ''تغرز''!