تواجه المصالح الصحية، تحدّيا جديدا بعد ارتفاع حالات الإصابة الخطيرة ب"كورونا" التي تستلزم أسرة الإنعاش في الفترة الأخيرة وتمدّد السلالات المتحورة التي باتت تثير مخاوف الأطر الطبية من ظهور موجة جديدة شرسة من الجائحة. هذا التغير الوبائي المفاجئ أربك حسابات السلطات العمومية، التي كشفت تحركاتها الاحترازية بالعودة إلى فرض تدابير التباعد وإلزامية ارتداء الكمامات في المواقع العمومية، رغم بوادر الانفراج التي كان حملتها الأسابيع الماضية، نتيجة تحسن المؤشرات الوبائية، لاسيما أرقام الوفيات والحالات الحرجة. ودقت البروفيسور عائشة خوجة نجاة المختصة في الأمراض الصدرية وعضو لجنة التلقيح في المستشفى الجامعي الدكتور بن زرجب في وهران، ناقوس الخطر بخصوص ارتفاع الحالات الحرجة أو الخطيرة التي تخضع للعلاج على أسرة الإنعاش، مشيرة إلى أن اللافت هو وصول فئات عمرية متوسطة إلى مصلحة الإنعاش أو العناية المركزة، وذلك خلافاً للمرحلة السابقة التي كانت تقتصر على كبار السن، لافتة إلى معدل الإصابات اليومي ارتفع في الأيام الأخيرة في عاصمة الغرب الجزائري على وجه الخصوص من 14 إلى 22 ثم قفز بسرعة البرق ليتخطى 54 إصابة يوميا، مؤكدة أن عدد الحالات الخطيرة التي تستلزم الإنعاش وصلت إلى 18 في 24 ساعة الأخيرة، "وهذا مؤشر يقتضي الحذر من الجميع حتى لا نشهد موجة وبائية أخرى لا قدر الله"، وبدأت تقفز معدلات الإصابة اليومية بشكل ملحوظ منذ أيام، ما جعل الكثير من الجزائريين يتخوفون من العودة إلى تطبيق الحجر الصحي في مناطق أخرى من الوطن، خاصة أن الأسر الجزائرية تربطها ب"موسم الصيف " علاقة "وثيقة"، إذ تكثر الحركية اليومية والعطل السنوية والتردد على الشواطئ. وتشير خوجة في اتصال مع "البلاد.نت"، إلى أن "السلالات المتغيرة خطيرة وتعرف انتشارا مقلقا بين المواطنين، وهو ما يحتم على السلطات الاستمرار في الإجراءات الاحترازية لتقييد مجال انتشار الفيروس"، مبرزة أن "الفيروس إذا انتشر أكثر بين الناس فإن ذلك سيشكل خطرا على الصحة العمومية". وشددت البروفيسور خوجة، على أن "انتشار السلالات المتحورة بين المواطنين يعني العودة إلى 2 مارس 2020′′، مضيفة أن "على المواطنين الجزائريين الحرص على احترام الإجراءات الاحترازية والوقائية حتى لا تتفشى موجة شرسة أخرى "، منتقدة في أن واحد، حالة "التراخي" التي تسود المجتمع الجزائري، إذ لا يرتدي جل السكان الكمامة الواقية، ولا يتم احترام التباعد الجسدي، ما يساهم في رفع وتيرة انتشار الفيروس التاجي بالحواضر الكبرى على غرار وهران، التي تعرف ديناميكية كبيرة، نظرا إلى ارتفاع الكثافة السكانية. ودعت محدثتنا، المواطنين الجزائريين إلى عدم التراخي أو التساهل مع الفيروس التاجي أو نسخه الجديدة، موردة أن هذا التراخي قد تنتج عنه العودة إلى نقطة البداية، "وهو أمر يصعب تحمله من الناحية السيكولوجية أو الاقتصادية أو الاجتماعية"، على حد قولها. وخلصت المتحدثة إلى القول، "الأطقم الطبية بذلت مجهودات كبيرة وتريد أن ترتاح من حالة الضغط على المستشفيات التي نتجت جراء تفشي فيروس كوفيد 19"، مشددة على انخراط الجميع في حملة التلقيح لتقوية الجهاز المناعي، لاسيما كبار السن وبالتحديد المرضى المصابين بالضغط الدموي،الحساسية،الربو والقلب وغيرها، كون أن التلقيح متوفر بكميات كبيرة، بدليل حصول مختلف المدن الكبيرة في الجزائر على كميات تزيد عن 40 ألف جرعة من لقاح "استرازينيكا"، مؤكدة أن وهران وحدها استطاعت تلقيح ما لا يقل عن 30 ألف مواطن منذ بداية الحملة الوطنية للتلقيح.