لا تزال حرب استنزاف جيوب الأزواج ماضية في الاتساع ”دار دار زنقة زنقة” فقط لأن القدر شاء أن تجتمع ثلاث مناسبات كانت كفيلة بإشعال فتيل الخلافات الزوجية وسط تبجح الأبناء وفرض لائحة مطالبهم حول كسوة العيد ونوع المحفظة وأشياء كثيرة زادت من تفاقم الوضع وأقحمت الأهالي في دوامة اللانهاية· حل شهر رمضان المبارك وحل معه الموسم الدراسي الجديد، وفي الوقت الذي تجد فيه الأسر الجزائرية نفسها أمام متطلبات المائدة الرمضانية، فإنها أيضا مطالبة بتوفير اللوازم المدرسية لأبنائها وملابسهم، وبذلك فهي مجبرة على تدبير أوضاعها وسد احتياجات المناسبتين من ميزانية الشهر العادية، والتي لا تكفي عند بعض الأسر حتى لسد مصاريف الشهر، فالميزانية الإجمالية لتغطية نفقة هاتين المناسبتين تفوق بكثير أجرة الموظف العادي، مما يخلق فجوة كبيرة بين المصاريف والمداخيل تزيد من معاناة غالبية الأسر التي ضاقت بها الحياة، وأصبح الفقر يطرق أبوابها نتيجة الارتفاع المطرد فيأسعار المواد الأساسية· بعد معركة السوق···معركة لباس العيد سعيد موظف عادي بإحدى المديريات وأب لثلاثة أطفال، ومعيل لأمه وأخته، لجأ خلال العطلة الصيفية إلى الدين ليتمكن من مواجهة تكاليف شهر رمضان الذي قال إنه قضاه بالشربة بالكروية لأنه فضل ادخار المبلغ للدخول المدرسي ومصاريفه وكذا كسوة العيد· عبر سعيد عن امتعاضه من ارتفاع تكاليف الحياة مقابل أجرة زهيدة لا تفي بمتطلبات الأسرة، خصوصا الأطفال الذين تصيبهم خيبة أمل كلما رأوا أقرانهم يتمتعون بملابس وألعاب إلكترونية وغيرها· لم تنكر زوجة سعيد أنها حاولت ثنيه عن الاقتراض لأنها تعلم أن ذلك سيضطر الأسرة إلى التقشف من أجل أداء أقساط القرض، لكن زوجها صمم على ذلك، لذلك لم تتردد في المطالبة هي أيضا ببعض مستلزمات المطبخ وملابسها، الأمر الذي أدى الى نشوب خلافات كلفتها البقاء في منزل الأهل مدة 5 أيام· على كل تقول جنبته ميزانية أنقذونا ·· أبناؤنا لا يعذروننا تقول السيدة جويدة متزوجة وربة أسرة إن ما يشغلهم هوتسديد كراء المنزل، فصاحب السكن يهدد بإخراجهم في حال عدم التسديد، وأن التفكير في الكماليات لأسرتنا أصبح من الصعب تحقيقه، فمطالب المائدة والحقيبة المدرسية، يضاف إليها فاتورات الماء والكهرباء· كما أن التفكير في ترك العمل بالنسبة لي أصبح من سابع المستحيلات، رغم أنني أعاني من التعب وأحب المكوث مع أبنائي في البيت لإشباعهم عاطفيا، عزائي الوحيد أن أمي المسكينة ساعدتني في تربيتهم قبل أن يبلغوا سن التمدرس، فقد كنت أترك صغيري عندها أيام الأسبوع ما عدا أيام العطل· الحالة المادية الصعبة التي تعيشها الأسرة جعلت الأم تقلق لاسيما أن الأولاد لا يقدرون الظروف، بل يريدون أن يلبسوا ويتعلموا مثل بقية زملائهم· فيما قال الزوج إنه وأسرته يلجأون إلى التقشف في الأكل طيلة شهر رمضان لتوفير الأدوات المدرسية الضرورية فقط، أما شراء الألبسة فموضوع في قائمة المؤجلات، إذ يمنيهم بتوفيرها في عيد الفطر· أما الكتب المدرسية فليس بمقدوره أن يشتريها لارتفاع ثمنها، لذلك يستعيرها من أبناء أصدقائه وأقاربه إن وجد منها ما يصلح ويلائم البرامج· وعن الملابس يضيف ”اولت البحث عن ألبسة رخيصة·” وبين هذا وذاك لا تزال المناسبات التي من المفروض أن تكون للفرح كل الفرح، محل خلافات ومناوشات مادامت المادة هي سيدة الموقف