تشكل المصالحة الوطنية عند عبد العزيز بوتفليقة صلب العهدة الثالثة على اعتبار أنها الوعاء الذي ينبض لتغذية الاستقرار والتنمية والرقي. ومن منظور الرئيس المترشح إذا كانت المصالحة بين الجزائريين تحصيل حاصل فالوقت حان لمصالحة الجزائريين مع وطنهم. عرض عبد العزيز بوتفليقة يوم الخميس على مسمع خمسة آلاف شخص حضروا حفل إعلان ترشحه الخطوط العريضة لبرنامج الحملة الانتخابية القادمة. ففي خطاب الإعلان الرسمي لترشحه لعهدة ثالثة قدم الرئيس الذي يتطلع إلى مواصلة مسار التقويم الوطني ثلاثة وعود انتخابية تندرج في إطار استكمال مسار التنمية المستدامة، الإصلاح الشامل لهياكل الدولة والمصالحة الوطنية. وقد توقف المترشح بوتفليقة عند هذا الأخير مطولا في معرض خطاب دام ثلاثة أرباع الساعة. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الاهتمام الكبير بهذا الملف الذي يندرج في صلب اهتماماته منذ اعتلائه سدة الحكم عام .1999 وقد شكلت المصالحة الوطنية أولوية الأولويات خلال عشرية عبد العزيز بوتفليقة الذي استهلك جهدا ووقتا كبيرين لاستتباب الأمن وعودة الطمأنينة إلى نفوس الجزائريين بعدما اهتدت فئات من المغرر بهم تلبية العودة إلى المجموعة الوطنية والتوبة عن إزهاق دم الجزائريين والمساس بالنظام العام والسلم. ويعتبر انخراط فئات من المسلحين في مسعى الوئام نجاحا كبيرا بالنظر لعمق الأزمة الوطنية وحجم الجراح والآلام الناجمة عنها. وواجه الرئيس خلال العهدتين مصاعب جمة في تغليب التعقل لدى الاستئصاليين والإسلاميين المتطرفين. كما واجه انتقادات حادة من طرف المناصرين الذين رأوا في سقف النتائج المحققة خلال عشرية كاملة باليسير، في حين يرى رواد الاستئصال أن الأصوليين أخذوا أكثر مما يستحقون مع المطالبة بالعودة إلى سياسة الكل أمني التي أججت الفتنة من جديد ورجع الخوف إلى نفسية التائبين الذين عاودوا الرجوع إلى الجبال وحالت دون نزول من اقتنع بضرورة التوبة بعد طيش سنين النار والدم. واعترف الرئيس خلال العهدة الثانية بعدم قدرته على الذهاب بعيدا في مسعاه فاضحا ما أسماه بالتوازنات الكبرى التي أعاقت المسار. واختلطت الأوراق على مستوى السلطة و شهد عاما 2007 و2008 عودة ملحوظة للأعمال الإجرامية الاستعراضية من إمضاء ما أصبح يصطلح عليه بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ولم يتردد عبد العزيز بوتفليقة في التأكيد عند كل مناسبة على أن لا مخرج للأزمة إلا عن طريق المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، ولا سبيل إلى ذلك حسبه سوى عن طريق التنازل بين هؤلاء وأولئك والتسامح والعفو. ورددها يوم الخميس في خطابه مدويا بالقول عفا الله عما سلف. ولمّح الى ضرورة المضي في مسعى السلم والمصالحة الوطنية بعدما كان يردد سابقا هذا ما تسمح به التوازنات شاكيا للرأي العام الوطني الخطوط الحمراء التي لم يتمكن ولن يتمكن من تجاوزها. وفي حصيلة قدمها في معرض خطابه بدا المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة أكثر تفاؤلا وهو يعبر عن رضاه عن النتائج المحققة، مؤكدا في السياق نفسه مواصلة تعزيز مسار المصالحة الوطنية من أجل التئام اللحمة الاجتماعية بالتعايش السلمي والمصالحة مع الذات. وإلى جانب مواصلة المجهود التنموي المتواصل ينوي العمل على تثبيت الاستقرار الدائم موضحا بهذا الصدد أن مآل وطننا سوى مآل تضحياتنا. وفي انتظار أن يتطرق في الأيام القليلة القادمة إلى سبل ووسائل ترقية المصالحة الوطنية، كما أشار إلى ذلك، تعهد المترشح بوتفليقة بواصلة المصالحة الوطنية بين الجزائريين مع أنفسهم ثم مع وطنهم، جازما بمواصلة التصدي لشرور الإرهاب بكل ما أوتينا من وسائل مع إبقاء الباب مفتوحا أمام عودة كل تائب عن غيه. وهي إشارة غير مغلفة لإشاعة السلم الدائم وتوطين الاستقرار وإصلاح الحكم بتعزيز سلطان القانون. فهل يفهم منه التزامه بنهج العفو الشامل مع تسليط سيف الحجاج على رقاب المتمردين وأصحاب الشك في قدرة يد الدولة الطولى في بسط السلم والعفو والوعيد في آن واحد. فما هو الجديد الذي يكشف عنه يا ترى في الأيام القادمة؟ وبين التفاؤل والأمل في تحقيق مصالحة وطنية شاملة يبقى القول ألا تذهب التضحيات سدى والجزائر التي حررها الجميع تسع الجميع