عائلات ديار الشمس ترفض السكن في بئر التوتة تخللت عملية إعادة الإسكان التي شرعت فيها سلطات ولاية الجزائر، منذ صباح أمس، احتجاجات عارمة في بعض الأحياء المعنية بعملية الترحيل أبرزها حي ديار الشمس والكاريار بباب الوادي، حيث رفض السكان المواقع الجديدة لترحيلهم بسبب بعدها عن أماكن عملهم وعدم توفر وسائل النقل على غرار حي أولاد منديل بأعالي بلدية بئر توتة حيث تم توجيه جزء من سكان حي ديار الشمس إليه· ”البلاد” تنقلت إلى بعض مواقع الترحيل القديمة ومواقع الاستقبال الجديدة، وحضرت بعض أجزاء عملية الترحيل المبرمجة ليوم أمس التي تمس 1235 عائلة في مرحلة أولى من العملية الإجمالية التي تتضمن 3245 عائلة· وكانت وجهتنا الأولى حي 800 مسكن ببني مسوس الذي وصلنا إليه في حدود الساعة السابعة صباحا، فوجدنا مئات العائلات قد التحقت بموقع الترحيل عبر حافلات قادمة من حي ”جنان حسان” التابع لبلدية وادي قريش، ووقفنا على ظروف سير عملية الترحيل التي جرت وسط إجراءات وطوق مكثّف لعناصر الشرطة التي منعت دخول أي أجنبي أو شخص غير معني بالاستفادة من السكنات تفاديا لوقوع أي انزلاقات· ورغم أن العملية كانت في ساعاتها الأولى إلا أن مكاتب الاستقبال والطعون كانت تغصّ بالمواطنين الذين تراوحت انشغالاتهم بين عدم الرضى عن نوع الشقة التي استفادوا منها فيما يخص عدد الغرف التي رأوا أنها لا تتوافق مع عدد أفراد الأسرة وأيضا طابق العمارة· وفي هذا الإطار، كشف مدير السكن بولاية الجزائر محمد إسماعيل أن ”الرد على الطعون سيكون بعد نهاية عملية الترحيل ثم دراستها على مستوى لجنة ولائية وذلك في غضون 15 يوما”· كما شملت عملية الترحيل أمس عددا من الأحياء أبرزها سكان شاليهات حي ميمون وبورعدة وسكان براقي وباب الوادي وغيرها· إقصاء أزيد من 20 عائلة بجنان حسان مهددة بالموت ارتأينا ترك الموقع لأن الأمور كانت تسير بشكل عادي، لنأخذ وجهة أخرى، وقررنا أن ننتقل إلى حي الكاريار بباب الوادي، وفي الطريق صادفنا عشرات رجال الشرطة على مستوى الطريق المؤدي إلى تريولي، يُوجهون السائقين لتغيير وجهتهم لأن سكان الكاريار خرجوا مجددا وأغلقوا الطريق بالحجارة وأضرموا النيران في العجلات المطاطية· وبالصدفة أيضا كنا نسير على الطريق المحاذي لحي ”جنان حسان” بأعالي وادي قريش، رأينا مشاهد لم نكن نتوقعها وظروف عيش مزرية جدا أكثر مما يمكن أن يتصوره العقل، قمامات في كل ركن وروائح كريهة تنبعث من كل مكان وكأنك داخل مزبلة وادي السمار، ووجدنا رضعا جددا من سوء حظهم أنهم وُلدوا في هذا الشهر الذي أُقصيت عائلاتهم من الاستفادة من سكن وحياة كريمة ومغادرة حياة المعاناة· زرنا إحدى العائلات المشكلة من أربعة ذكور ووالدتهم كانوا يعيشون رفقة جدتهم في غرفة واحدة يُطلون على أحد السطوح· واستفسر هؤلاء الشباب الذين تملأ عيونهم أحاسيس الحسرة والشعور بالضعف، عن معايير توزيع تلك السكنات، وهل يُعقل ترحيل 170 عائلة بمعنى جميع سكان الحي من أجل القضاء على آثار هذا الحي نهائيا والإبقاء على بعض العشرات التي تقطن منذ عشرات السنين في الموقع· تجدد المواجهات بين سكان حي ديار الشمس ورجال الأمن وتهديد بالتصعيد من جهة ثانية، تجددت المواجهات ظهر أمس بين سكان حي ديار الشمس بالمدنية ورجال الشرطة، حيث أقدم الشباب على رشق عناصر الأمن بالحجارة و”المولوتوف” وحمل مختلف الأسلحة البيضاء وحتى السيوف حسب مصادر أمنية، وبالمقابل واجهتهم عناصر الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع واستخدام الرصاص المطاطي، مع قطع الطريق المؤدي من بئر مراد رايس إلى حسين داي· وكانت المواجهات قد اندلعت ليلة أول أمس عقب بثّ التلفزيون تصريحات والي العاصمة محمد كبير عدو حول عملية الترحيل التي أثارت غضبهم، في حدود الساعة الثامنة والنصف وتواصلت إلى غاية الخامسة صباحا وخلّفت العديد من الإصابات أبرزها محاولة انتحار أحد الشباب الذي ألقى بنفسه من طابق علوي من عمارة أصيب بجروح خطيرة على مستوى الرأس وأنحاء من الجسم· سكان ديار الشمس ينتفضون ويبكون حرقة من ”الحفرة” رفضت 399 عائلة من حي ديار الشمس التنقل إلى السكنات الاجتماعية الجديدة بمنطقة أولاد منديل بأعالي بئر توتة، وبرروا موقفهم حسب شهادات السكان الذين التقتهم ”البلاد” في الساعات الأولى من صباح أمس، بكون الموقع الجديد بعيدا جدا عن المدينة وعن العاصمة ومقر عملهم مع عدم وجود وسائل النقل مما سيؤدي إلى تأخرهم في الالتحاق بمقر عملهم لا سيما أن أغلبهم يشتغلون في مؤسسات خاصة، وبالتالي سيكون مصيرهم الطرد، ضف إلى ذلك حسب تصريح ممثلي السكان الذين التقوا بالسلطات المحلية أن ”تلك السكنات الموجودة في هذا الموقع لا تشبه المواقع الأخرى، حيث أكدوا أنهم تنقلوا إليها وتفقدوا المكان وتفاجأوا بنوعية الشقق وعدد الغرف ومساحتها الضيّقة جدا لا تسع لأفراد العائلة الواحدة· وفي هذا الصدد أكد متحدث باسم السكان في تصريحات
ل”البلاد” أن العائلات المتبقية والمعنية بإعادة الإسكان في حي ديار الشمس والتي تقطن في شقق ضيقة ويملكون عقد ملكيتها، انتظرت عدة سنوات عملية ترحيلهم وبفارغ الصبر، قبل أن تفاجئهم السلطات بقرار ترحيلهم إلى أولاد منديل، في حين كانوا ينتظرون إعادة إسكانهم في أحد أحياء المالحة بعين النعجة أو الحمامات بعين البنيان أو السبالة أو بابا علي· لكن السلطات المحلية يضيف متحدث باسم السكان ”لم تستشرهم مثلما فعلت مع الدفعات السابقة من المستفيدين ولم تُخبرهم حتى آخر لحظة عن موقع الترحيل، وشرعوا في حزم أمتعتهم منذ بداية شهر رمضان على اعتبار أن السلطات وعدتهم بالتنفيذ خلال شهر رمضان، وقضوا الشهر كاملا ينتظرون ويبيتون وسط الأثاث الذي تم حزمه منذ شهر، ومنهم من راح يُحطّم بعض الأجزاء الإضافية·
وقفنا على الوضعية الكارثية لسكان الحيّ حيث دخلنا شقة شقة على مستوى العمارات المتبقية، 11 فردا من عائلة مشكلة من بنات وولد واحد والأب يتقاسمون غرفة واحدة ومطبخا ومرحاضا وشرفة ضيقة، فكيف ينام هؤلاء؟ تتقاسم البنات الغرفة الوحيدة التي تتوسط الشرفة والمطبخ، فيما يبيت والدهم الطاعن في السن داخل المطبخ المؤدي مباشرة إلى باب مدخل الشقة، أما الابن الوحيد فينام داخل الشرفة صيفا وشتاء· ومثل هذه الوضعية وقفنا عليها عند جميع سكان العمارات الذين يشتركون في النوم في غرفة وحيدة، حيث وجد شباب الحي إحراجا كبيرا في الحديث عن وضعيتهم، ولمسنا ذلك من خلال تطلعاتهم وأمهاتهم يتحدثن إلينا بحرقة ودموع عن حجم معاناتهم، ورؤوسهم في الأرض لا يستطيعون رفعها بسبب الخجل الذي انتابهم، كيف لا وبعضهم لا يزال عازبا وهو في سن تتجاوز ال30 ومنهم من هو خاطب منذ أزيد من 7 سنوات على أمل الحصول على مسكن لائق في يوم من الأيام والسنوات تمرّ·
حقيقة تأسفنا وفي نفس الوقت نفسه انتابنا شعور بالحزن لما رأينا من مشاهد، وأكثر من ذلك نظرات هؤلاء الأطفال والمراهقين الذين استغربنا كيف نشأوا في وسط هذه الظروف· وبهذا الخصوص عبّر السكان عن استيائهم من الصورة السلبية التي صنعتها وسائل الإعلام والسلطات المحلية عن أبناء الحيّ، وقالوا في هذا الشأن ”نحن لسنا مجرمين ولا منحرفين، حي ديار الشمس قدّم خيرة الإطارات للوطن رغم ترعرعهم وسط تلك الظروف المزرية، أبناؤنا ليسوا قتالين، لكن مثل هذه الظروف تدفع أي مواطن في أي مجتمع للانحراف وتعاطي المخدرات وحتى الانتحار”· ورغم كل هذا يضيف المتحدثون ”نتعرض للحفرة وكأننا لسنا مواطني هذا البلد ولا نملك الحق في الحديث أو العيش الكريم”·
سكان ديار الشمس يناشدون تدخل رئيس الجمهورية
وفي هذا الإطار، ناشد السكان رئيس الجمهورية التدخل العاجل لإنصافهم بوضع حدّ لما أسموه ب”استفزازات” المسؤولين المحليين ووعودهم الكاذبة، وأكدوا أن ”هناك خطة محكمة ومكيدة مدّبرة لزرع الفتنة وبعث نار الاحتجاجات من جديد، غير مبالين بالخسائر والضحايا، مشددين على أنهم ”متمسكون بقرار عدم الرحيل من سكناتهم إلى غاية تغيير الوجهة”·