خصصت أسواق المواشي بمناسبة عيد الأضحى بولاية عنابة حيزا مهما لرؤوس الأبقار والماعز، هذه السنة، بعد ارتفاع الطلب عليها من قبل زبائن يتجنبون أكل لحوم الأغنام، الغنية بالكولسترول· وتنافس والماعز والأبقار الكباش في الأسواق من حيث الإقبال والأثمان، حسب الموالين والتجار الذين أوضحوا في تصريحات ل”البلاد” أن الإقبال على عليهما تزايد بشكل ملحوظ هذا العام، لأسباب مرتبطة بالأوضاع المادية والصحية· وأضحت رؤوس الماعز بولاية عنابة مثلما وقفت عليه ”البلاد” تظهر جنبا إلى جنب مع الكباش ذوات القرون أمام بوابات المنازل والساحات العامة بعد سنوات طويلة من العزوف والرفض المطلق لأضحية الماعز التي كانت ترمز إلى تدني المكانة الاجتماعية ومخالفة العادات والتقاليد السائدة والتباهي بها بالعديد من مناطق الولاية المعروفة بتربية الماعز على نطاق واسع، ولم تعد أسواق الماشية تخلو من رؤوس الماعز والأبقار كما هو الحال هذه الأيام بعد أن أصبحت منافس قوي للكباش، نظرا لانخفاض أسعاره من جهة وفوائده الصحية من جهة أخرى· وتقربت ”البلاد” من بعض المواطنين لاستطلاع آرائهم حول الظاهرة فكان الإجماع على أن بعض العائلات تفضل أن تضحي ببقرة بدل خروف لتعدد أفرادها، إذ لا يكفي كبش واحد لتمضية العيد، إضافة إلى الجانب الصحي، فالكل يعلم أن لحم الغنم يحتوي على كميات هائلة من الدهون، مما يفرز سعرات حرارية كبيرة بالجسم، والإكثار من تلك اللحوم، يؤدي غالبا إلى زيارة الطبيب بعد العيد، إضافة إلى أن الكثير من الناس أضحوا يعانون من عدة أمراض مزمنة ك ”السكري والكولسترول وأمراض القلب···”· لذا يجري الابتعاد عن لحم الغنم انسياقا مع نظام الحمية المفروضة عليهم من طرف الطبيب المختص· ومعرو ف علميا حسب أخصائيين أن لحم الماعز مفيد للمصابين بارتفاع نسبة الكوليستيرول في الدم، والذين يخشون حدوث مضاعفات خطيرة عند تناولهم لحوم الكباش الغنية بالدهون، وأصبح من النادر العثور على اللحوم الخالية من الدهون، بالنظر إلى نظام تغذية كباش العيد، الذي يعتمد على مواد تسمين مبالغ فيها، تحول الكباش إلى كتلة من الشحم تفقدها مذاقها الطبيعي· ويرى عمي حسين، 65 سنة أنه اعتاد شراء أضحية الماعز منذ سنوات طويلة بعد إصابته بارتفاع نسبة الكوليستيرول، مؤكدا أن لحم الماعز أصبح الخيار الوحيد أمامه، لأنها تلائم وضعه الصحي والمادي أيضا مضيفا أنه يعرف الكثيرين الذين تحولوا إلى أضحية الماعز الخالية من الدهون، ومواد التسمين الخطيرة على الصحة· وتملك المرأة العنابية خاصة في الوسط الريفي مهارة كبيرة في التعامل مع لحم الماعز ذات المذاق الجيد، تعرف كيف تحفظها خارج الثلاجة طيلة أيام العيد، وتعد منها أطباقا لذيذة كالكسكسي والشخشوخة وشربة الفريك· ويعد نظام التغذية الذي يطبقه الكثير من مربي كباش العيد السبب الرئيسي الذي يقف وراء تراجع أهمية الكباش في السنوات الأخيرة، بالرغم من أنها مازالت تحافظ على أسعارها المرتفعة ببعض المناطق· وقد شاهدنا إقبالا كبيرا على أضحية الماعز والأبقار ببعض أسواق الماشية بعنابة خلال الأيام الماضية، ويحرص بعض الآباء على اصطحاب أطفالهم إلى هناك لاختيار التيس ذي القرون الطويلة واللحية الجميلة والشعر الأملس وقد ظل التيس أو العتروس كما يسمى بعنابة رمزا للفحولة والخير ونعمة من نعم الخالق· وينصبه سكان الأرياف والبوادي كقائد للقطيع يحمل في رقبته جرسا لا يكف عن الرنين لطرد الذئاب المتربصة بالقطيع وسط الغابات والأدغالئ·ويشبه سكان الأرياف غذاء الماعز بغذاء النحل الذي يعتمد على الطبيعة العذراء الخالية من الأمراض والمركبات الكيميائية التي انتقلت من الخضر والفواكه لتطال كباش العيد، وتحولها إلى كتل من الشحوم التي يصعب استهلاكها أيام العيد السعيدئ·واستفسرت ”البلاد” أحد الأئمة بعنابة حول الأضحية بالماعز أو البقر فأكد أنه ”مادامت النية هي التقرب من وجه الله تعالىئذكر القرآن الكريم أربعة دماء واجبة في حق المسلم وخير الشرع حسب محدثنا الناس في الأضاحي بين أصناف الأنعام التي تصلح هديا، كالشاة والبقرة والجمل، على سبيل التخيير· والأضحية على وجه الخصوص صح فيها أن الشاة للبيت الواحد، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”على كل أهل بيت شاة”، وأما البقر والجمال فجاز في الشرع أن يشترك فيها سبعة من الناس، فإذا اجتمعت سبعة بيوت جاز لهم أن يضحوا ببقرة، والشرط فيها عند الفقهاء أن تكون قد جاوزت السنتين، وهذا هو الأصل في الشرع، وإن كان بعض الفقهاء يتحفظون من الاشتراك، وهو المشهور عند المالكية، إذ يرون أن الشاة أحسن من غيرها في الأضحية· واتجاه بعض الناس للتضحية بالبقرة فراجع حسب الامام لتحفظهم من الدهون التي تتوفر عليها الشاة، والتي تضر بعض الناس، أو بسبب وفرة البقر وقلة الغنم، أو رغبة في إحياء هذا النوع المباح شرعا، أما تضحية أسرة واحدة فقط ببقرة، ففيه زيادة على المطلوب شرعا، لكنه جائز مادامت نية المضحي هي التقرب لوجه الله تعالى بالبقرة·