وضع الرئيس بوتفلقية حدا للغط السياسي الحاصل في الساحة السياسية بخصوص اعتماد أحزاب سياسية جديدة لخوض غمار الاستحقاقات المقبلة، عن طريق بعث رسائل مشفرة تنتقد التصريحات الأخيرة لحزبي التحالف الرئاسي الأفلان والأرندي حول جدوى اعتماد أحزاب جديدة· وارتجل الرئيس بوتفليقة في خطاب ألقاه أمس بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2011 و,2012 دام 16 دقيقة وقال ”هناك تعددية حزبية، هناك فعلا أحزاب مؤثرة دون غيرها وإذا كانت الديمقراطية تعني تعدد الأحزاب الصغيرة فلتكن أحزاب صغيرة ولتثبت جدارتها من خلال الانتخابات التي هي مقياس حقيقي عن كل قوة سياسية”· وأكد الرئيس على عدم أحقية البعض في الحكم على الأحزاب من منطلق أن الانتخابات هي الفيصل· ونأى بنفسه عن أن يعطي حكما على الأحزاب وحجمها وقال ”لا أسمح لنفسي بالحكم على هؤلاء”· وعن الأحزاب التي باشرت حملة انتخابية مسبقة عن طريق الانتقاص من شأن أحزاب صغيرة أو تلك التي تنتظر الاعتماد، قال الرئيس ”نحن في ظروف كلما تناقص وزن الأشخاص في الساحة السياسية والجمعيات كلما تعالى صوتهم”، مؤكدا على ضرورة أن يعيد الشعب مصداقية الأحزاب كأحزاب بقوله ”لابد أن يعيد الشعب مصداقية الأحزاب ولست أتكلم باسم حزب وإنما باسم الشعب”· وعن الإصلاحات وما دار حولها من جدل بين أطراف التحالف الرئاسي واتهام حزب الأغلبية في البرلمان بتعطيل وعرقلة إصلاحاته، اعتبر الرئيس أن المسألة هي من باب الديمقراطية وقال ”إن الإصلاحات هي إصلاحات الشعب الجزائري وقد ندخل في رؤى حزب أو حزب آخر من كتلة حكومية وهذا من الديمقراطية”· وبخصوص تحقيق الديمقراطية في الجزائر، خاطب الرئيس بوتفليقة الأطراف الخارجية قائلا ”نحن في بداية الطريق بالنسبة للتجربة الديمقراطية ولا مجال للمقارنة بيننا وبين فرنسا وبريطانيا، فهذه البلدان سبقتنا”· في المقابل اعترف الرئيس بوجود عجز في تحقيق الديمقراطية الحقة، ”يمكن أن يكون هناك نقصا وعجزا وهناك أيضا أصواتا لم نصل إليها وستأتي بالتي هي أحسن ومن شعبنا وتأتي بالتدريج”· واعتبر الرئيس أنه إذا كانت الديمقراطية تتحقق باعتماد أحزاب جديدة وإجراء هذه الانتخابات فلتكن هذه الانتخابات حتى ولو كانت انتخابات شبيهة بانتخابات نيجلان (وهو أحد الحكام الفرنسيين في الجزائر في سنوات الأربعينات الذي أجرى أكبر انتخابات مزورة خلال العهد الاستعماري)· وأضاف الرئيس ”لابد من إعادة النظر في تجربتنا الوطنية التي تنفرد بخصوصيتها على تجارب آخرى”، قبل أن يؤكد أن ”الجزائر تأخذ دروسا، لكن تكيفها حسب معطياتها الوطنية وتقاليدها السياسية”· وعن الحراك السياسي التي تشهده الساحة السياسية وخلفية استغراب البعض استثناء الجزائر، قال ”تعالت الأصوات تسأل وتتساءل عن استثنائنا من دول آخرى، أقول إن الجزائر من هذا العالم تؤثر وتتأثر، لكن ليس بالعودة إلى تجارب مرت بها منذ عقود وسنين”، في إشارة إلى العشرية السوداء · ورد الرئيس على الأطراف التي تتهم الجزائر بتلقي إملاءات من الخارج قائلا إن ”الشعب حريص على استقلاله وسيادته، ولا تملى عليه الأمور وهو الذي نال الحرية غلابا وكفاحا وعن طريق تضحيات جسام”· وأضاف ”هذا الاستقلال ما جئنا للمساومة به ومالنا الحق للمساومة”· وبخصوص الانتخابات المقبلة، أكد الرئيس بوتفليقة على أهميتها، مشيرا إلى أن الجميع سيخضع لرقابة القضاة ويذعن لقراراته· وأوضح أن الإدارة أيضا ليست معفاة من هذه الرقابة ومن الالتزام بتنفيذ ما يصدره القضاة من أحكام، والانتخابات المقبلة هي التي ستثبت مدى جدوى الاعتماد على القضاة في مراقبة الانتخابات·