تفتتح نهاية الأسبوع الدورة الأخيرة العادية لمجلس شورى حركة مجتمع السلم لهذا العام، ومن المنتظر أن تشهد الدورة التي ستدوم يومين كاملين نقاشا كبيرا بخصوص عدد من الملفات الراهنة وعلى رأسها الموقف من التحالف الرئاسي وكذا موضوع الانتخابات التشريعية المقبلة والبرنامج السياسي للحزب في .2012 وتنعقد هذه الدورة لمجلس شورى حمس في ظل ما تشهده الجزائر من انخفاض سقف الطموح من الإصلاحات السياسية المعتمدة في البرلمان والتي أثارت موجة من الانتقادات وردود الفعل الغاضبة شملت في بعض قوانينها أيضا معارضة حمس التي تمثل أحد أضلع التحالف الرئاسي، كما تأتي في سياق تحدٍّ جديد توجهه الحركة في تشريعيات الربيع المقبل حيث ستكون أمام أول امتحان كبير من شأنه أن يقطع الشك باليقين بخصوص نوايا السلطة في الجزائر حول نية التجديد والدخول بالجزائر في دائرة تاريخ الإصلاح السياسي المشهود في العالم العربي خاصة أن إمكانية تدارك ما طال قوانين الإصلاح من احتواء والتواء وتفريغ كما تقول أحزاب المعارضة قائم وممكن، أو على العكس من ذلك إبقاء الجزائر سياسيا على هامش التاريخ مع ما قد ينجر عن ذلك من مخاطر كثيرة تحدث عنها من شاهدها من أولي العزم من الساسة والمحللين· أما خارجيا فإن السياق الذي تنعقد فيه دورة مجلس شورى حمس فيتميز هو الآخر بسرعة التحولات التي طرأت على الكثير من البلدان العربية وعلى الأخص المجاورة منها للجزائر كتونس والمغرب أو تلك القريبة من حيث تأثيرها السياسي كمصر حيث تجلى بوضوح أن الإصلاح السياسي لا يعني البتة زوال الدول كما تأكد في هذه البلدان أن سبيل دعم الجدران الوطنية الاستقرار هو إعادة الاعتبار للسيادة الشعبية· كما لا يمكن الحديث عن دورة مجلس شورى حمس هذه دون الإشارة الى أن الدورة الأخيرة كانت هي الأخرى حاسمة وشهدت نقاشا حادا بخصوص موقع الحركة من التحالف الرئاسي، غير أن الغالبية في دورة الماضية فضلوا إرجاء السلطة إلى ميسرة سياسية للوقوف على جدية الإصلاحات السياسية التي كان قد أعلن عنها الرئيس بوتفليقة· غير أن حركة مجتمع السلم كانت قد امتنعت عن التصويت على مشاريع قوانين الإصلاح في البرلمان وكانت من الأحزاب السياسية التي انتقدتها بسبب ما تعرضت له من تفريغ وتحزيب مما جعلها دون السقف الذي تحدث عنه الرئيس وإن كان هذا الأخير أعلن في آخر خرجة ميدانية وإعلامية له تبنيه ما صاغه البرلمان بشكل فاجأ الكثير من المتتبعين للشأن السياسي في الجزائر· جملة هذه المعطيات عجلت ببروز توجهات داخل حمس عبرت عن نفسها من خلال مواقف وتصريحات إعلامية بخصوص الموقف من التحالف وإن كان التوجه الأكثر ظهورا هو ذاك الداعي إلى الانسحاب من التحالف بغض النظر عن قوته داخل مؤسسة الشورى، إذ يرى متابعون للشأن الحمساوي أن رأيهم لا يحظى بكثير من الانتشار في مؤسسة المداولة فضلا عما قد يكون لموقفهم من تداعيات داخليا وخارجيا فيما ظهر تيار آخر ولكن يدعو وبكثير من الحرج المزدوج إلى دعم موقع الحركة في التحالف وهو حرج بالنظر للخطاب القديم المتجدد في حمس ومن قبل بعض قيادات الصف الأول الداعية الى الانسحاب من التحالف وما سبب ذلك من تناقض في الخطاب السياسي للحركة· وحرج من ناحية أخرى بالنظر لسلبية شركاء التحالف في التعاطي مع اأجديات هذا الأخير بمحاولة ادعاء ما لم يفعلوا في التحالف أملا في الثناء وإن كان عزاء الفاعلين في هذا التيار الحمساوي أن تحالف حمس هو مع بوتفليقة وليس مع الأفلان والأرندي، ومع هذا يبقى هذا التيار هو الأخر ضعيفا بسبب الجرعة المزيدة في مواقفه الداعمة التي يتخذها حيال السلطة، فيما يبدو أن التيار الغالب سيكون بين طرفي التماهي في الغير والاحتفاظ بالخصوصية الحمساوية وتميزها بنهجها سبيل المشاركة دون أن تتحول إلى لجنة مساندة· وعلى الرغم من أن كل طرف سيدخل حلبة النقاش مدعوما بحججه ومبرراته وبدائله، إلا أنه يبدو حسب المتتبعين أن النقاش في صفوف أعضاء مجلس شورى حمس سيتجه الى إعمال قاعدة الجمع وإن كانت الأصعب إلا أنها الأسلم بدل قاعدة الترجيح وإن كانت الأسهل، علما أن أسهل الحلول عادة ما تكون الأدوار والأسوأ· وعليه يتوقع أن تكون الدورة الحالية مرة أخرى دورة دعاة الجمع بين الاتجاهين المتناقضين سيتحملون مسؤولية إقناع هؤلاء وأولئك بضرورة مناقشة موقع حمس من التحالف بأعصاب باردة والحذر من الخطأ في تحديد اللحظة التاريخية لأداء واجب الوقت ثم التمسك بموقف الحركة الثابت والمتخذ في الدورة الأخيرة عندما ربط بقاء الحركة في التحالف بنتائج الإصلاحات السياسية، علما أن الحكم الموضوعي على هذه الأخيرة لن يكون قبل الانتخابات التشريعية المقبلة وكذا تعديل الدستور، إذ هما المحطتان الأساسيتان اللتان يمكن من خلالهما الحكم على الإصلاحات السياسية في الجزائر وعندها ستظهر الحاجة الى تحالفات جديدة استعدادا لمحطة 2014 المفصلية كذلك في تاريخ الجزائر السياسي·