التاريخ سيحاسبنا على المشاركة في حكومة أشرفت على التحايل على الإصلاحات يذكر عبد الرزاق مقري نائب رئيس حمس في حوار مع ''الخبر''، أن النظام ''سيظهر متحالفا مع نفسه'' لو خرج حزبه من التحالف. وقال إن ''التاريخ سيحملنا مسؤولية المشاركة في جهاز تنفيذي أشرف على التحايل على الإصلاحات''، وأن التحالف ''ساهم في طمأنة نظام الحكم وعدم شعوره بالحرج من عدم السعي لإصلاحات جادة وصادقة''. تلوح حمس بالانسحاب من التحالف. هل هو مجرد تهديد كالعادة أم أن الفكرة جادة تنتظر فقط التجسيد؟ - قرار مجلس الشورى في دورته السابقة ينص بشكل واضح على أن مصير وجودنا في التحالف مربوط بمدى نجاح الإصلاحات. ولا يختلف إثنان في الحركة بأن الإصلاحات فشلت من حيث تسبيق مشاريع القوانين على الإصلاح الدستوري، ومن حيث المهزلة التي تعرفها مناقشات الحزمة الأولى من مشاريع القوانين التي امتنع نوابنا عن التصويت عليها، والحزمة الثانية التي صوتوا عليها ب:لا. إذن فالمنطق والوفاء لقرار المؤسسات هو الخروج من التحالف، ولكن هناك من يريدنا أن نتراجع عن هذا القرار بحجة أنها ستظهر انتهازية لدى الرأي العام، وهو تخوف مشروع، ولكن التراجع عن قرار الخروج من التحالف بسبب فشل الإصلاحات أو تفسيره تفسيرا متعسفا سلبية أخطر لأن التاريخ سيحملنا المشاركة في جهاز تنفيذي أشرف على التحايل على الإصلاحات، كما أن خروجنا من التحالف ينبغي أن يأخذ بعدا أسمى من قضية الانتخابات المقبلة في ,2012 علينا أن نقصد به الدفع إلى حراك سياسي واجتماعي مؤسسي سلمي يضغط على السلطات العمومية لاستدراك مصلحة الإصلاح، باعتبار أن المساهمة في هذا الإصلاح من الداخل لم يجد نفعا لا على مستوى الحكومة ولا على مستوى المجلس الشعبي الوطني الذي أسقطت فيه تعديلاتنا التي قصدنا بها تصحيح المسار كله. وإذا كان أداؤنا السياسي جيدا في المرحلة المقبلة سيفهمنا الرأي العام وسيثمن مشاركتنا في إنقاذ الوطن، من خلال وجودنا في التحالف في الأزمة التي عرفتها الجزائر في الفترة السابقة، والمساهمة في إنقاذه بخروجنا من التحالف في هذه الفترة والفترة المقبلة، حيث إن عدم السعي للإصلاح في الجزائر ستكون تبعاته كارثية على الوطن. وقبل اهتمامنا بما يقوله الرأي العام هو إبراء ذمتنا أمام الله وأمام التاريخ. أنت تمثل التيار الذي يطالب بانفصال الحركة عن السلطة. هل الظرف الإقليمي والمحلي يعطي طرحك مصداقية؟ - بكل تأكيد، لقد أكدت الأحداث وجود فرصة للإصلاح من خارج التحالف، وهذا هو السبب الرئيسي في اختلاف وجهة النظر داخل مؤسسات الحركة. الذين كانوا يرون عدم الخروج من التحالف كانوا يقولون بأنه لا توجد فرصة لديمقراطية حقيقية في العالم العربي، والخروج من التحالف في هذه الحالة برأيهم مغامرة وذهاب إلى المجهول، فمن ذا الذي يجرؤ على قول هذا اليوم؟ في الأنظمة المغلقة وقعت إصلاحات بفعل الثورات كما رأينا في تونس، وفي الأنظمة شبه المنفتحة وقعت إصلاحات كانت كافية لفتح الطريق للإسلاميين كما وقع في المغرب. وأعتقد جازما بأن التحالف ساهم كثيرا في طمأنة نظام الحكم وعدم شعوره بالحرج من عدم السعي لإصلاحات جادة وصادقة، لما يمثله هذا التحالف من قوة في الساحة السياسية في مواجهة معارضة ضعيفة ومشتتة. كان يكفي أن تخرج الحركة من التحالف ليفقد هذا الأخير مبرر وجوده لأن عدم وجودنا فيه سيظهر بأن النظام متحالف مع نفسه ويصعب عليه أن يجد بديلا إسلاميا آخر مطمئنا وقويا يعطيه المصداقية والتوازن اللذين يريدهما، وله أن يفعل ذلك إذا أراد فقد أدينا الذي علينا سابقا لمصلحة الوطن، ومن أراد أن يحل محلنا فله ذلك ولا نجد حرجا فيه، غير أن الذي أراه أنسب وأصلح للوطن أن نتجه إلى ديمقراطية حقيقية يحكُم فيها الذي يعطيه الشعب الأغلبية. وإذا كان لا بد من تحالفات، فلتكن على قاعدة نتائج الانتخابات وعلى أساس البرامج وتحمل المسؤولية المشتركة. في كل الأحوال الأهم من هذا أن نفهم نحن في حركة مجتمع السلم أهمية هذه التحولات التي تحدثت عنها، والتي تعطينا فرصة كبيرة لأداء دور أساسي في المرحلة المقبلة لمصلحة الوطن بغض النظر عن القضايا الانتخابية مرة أخرى. رئيس الحركة دعا بوتفليقة إلى ''إنقاذ الإصلاحات''. هل تؤمن بأن الرئيس أراد إصلاحات حقيقية فيما توجد أطراف تعرقل تجسيد هذه الإرادة؟ - أعتقد بأن هذا النداء في محله، لأن الرئيس هو المسؤول الأول عن الإصلاحات، وهو الذي عرض المشروع على الجزائريين ووعد بأن الإصلاحات ستكون عميقة وشاملة وتمس كل شيء. وبالمناسبة أنا لست ممن يحمل الإدارة وجبهة التحرير والتجمع الوطني مسؤولية إخفاق مشروع الإصلاحات، فهذه مؤسسات في يد نظام الحكم ولو أريد لهؤلاء أن يؤدوا دورا آخر غير الذي أدوه لفعلوا. فهل يُعقل أن رئيس الجمهورية يُشرّع بالأوامر في قانون المرور ولا يهمه ما يحدث في البرلمان بخصوص الإصلاحات. رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يتحمل المسؤولية ومن واجبه أن يظهر موقفه مما يحدث بخصوص مسار الإصلاحات، سواء ما يتعلق بمشاريع القوانين التي جاءت بها الحكومة والتي كانت بعيدة كل البعد عن مستوى الإصلاح الضروري للوصول لديمقراطية حقيقية، أو التدخلات التي وقعت في المجلس الشعبي الوطني على هذه المشاريع والتي زادت الوضع سوء.