سواء اقتنع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الفرنسية أو لم يقتنعوا، فإن مستوى الإصلاحات القائمة لحد الآن ضربة قوية لكل الآمال التي علقها الرأي العام منذ بدء المشاورات السياسية بين لجنة عبد القادر بن صالح والأحزاب والشخصيات السياسية والوطنية· الإصلاحات التي نريدها تلك التي يلتف حولها الشعب بكافة حساسياته وليست تلك التي يتفاوض وزير الخارجية بشأنها أمام نواب فرنسا الذين شرّعوا للإستخفاف بتضحيات الشعب الجزائري وشهداء ثورة أول نوفمبر ,54 عندما أصدروا قانونا لتمجيد الاستعمار مثلما أصدروا حزمة من القوانين العنصرية والأخرى التي تمجد تاريخ الحركى وخيانتهم لبلدهم الجزائر خلال الثورة التحريرية· الإصلاحات التي نريدها في الجزائر هي التي تمنح المواطن أدوات التغيير السلمي الديمقراطي وفق قاعدة التداول على السلطة وحق الاختيار الحر، وليست تلك التي يحدد معالمها أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي وكأننا مقاطعة فرنسية· الإصلاحات التي نريدها هي التي تحصّن الجدار الوطني بواسطة العدالة الاجتماعية والتوزيع الشفاف والعادل للثروة الوطنية ومبدأ تكافؤ الفرص· الإصلاحات التي نريدها هي التي تجعل من صوت المواطن الوسيلة الوحيدة للتغيير والتعبير عن رأيه، وهي بذلك تغلق كافة منافذ التطرف الفكري والسياسي والإستئصال، وتجعل من خيار الشعب المرجعية الوحيدة للحكم· الإصلاحات التي نريدها عميقة وشاملة تؤدي إلى تمكين الفئة الغالبة في المجتمع من الحكم، فقد آن الآوان أن يتسلم الشباب دفة الحكم، والذين شككوا في قدرات الشباب قبيل اندلاع ثورة 54 تموقعوا خارج معسكر الثورة التحريرية والبقية معروفة· باستثناء ذلك سنقطع عقودا أخرى من التخبط والدوران في حلقة مفرغة، مادام البعض يعتقد أن السياسة هي فن البقاء في السلطة والحكم بصرف النظر عن الطريقة المستعملة في ذلك···وإذا كان البعض يسعى لأمر كهذا، فلماذا الترويج لسياسة ثبت أنها لا تغير من الواقع شيئا بقدر ما تكرّس بقاء نفس المنظومة التي أثبتت فشلها في التكيف والتعامل مع متطلبات المرحلة الجديدة التي تفرضها عوامل قاهرة من الداخل والخارج، بل من محيطنا اللصيق· أما الوقوف أمام جمعية قانون تمجيد الاستعمار فتلك مسألة أخرى تستدعي إعادة النظر في وجهتنا وأولوياتنا·