أظهر السودان تقاليد وصفت ب«غير المعتادة» من قبل الأنظمة العربية في التعامل مع الكتاب والشعراء، وذلك من خلال «بروتوكولات» ومواكب رئاسية خصصت لنقل المشاركين في ملتقى «النيلين» الثاني للشعر العربي التي تستضيفه الخرطوم هذه الأيام، وسط حضور نخبة من الشعراء العرب من بينهم جزائريون. ونقل الشاعر رابح ظريف في حديث ل«البلاد» الأجواء هناك، وقال إن استقبال الشعراء العرب والجزائريين كان من طرف رئيس مكتب وزير الثقافة، وتم نقلهم من المطار إلى الفندق في مواكب رئاسية تعبيرا عن احترام السودانيين للشعر والشعراء، مضيفا أن الحضور كان أكثر من كثيف والعائلات تعاطت مع الشعر كحالة إنسانية عادية وليس كفن نخبوي. وواصل الشاعر الجزائري حديثه «لأول مرة في حياتي أرى سلطة عربية تنقل الشعراء من الفندق إلى نقاط النشاط في موكب رئاسي.. سيارة فخمة لكل 3 شعراء مع أغطية بروتوكولية وتعاطي مشرف مع الشعراء من طرف قيادات الدولة في السودان.. أسعدني هذا الأمر كثيرا خاصة مع الحضور اللافت للعائلات وللأسر في الأمسيات الشعرية.. الأمر الآخر الغريب والجميل هو أنه من عادة الدول العربية أن تلغي الأمسيات الشعرية والملتقيات في حالة الحرب.. غير أن ذلك لم يحدث في السودان هذه المرة.. وهنا تأكيد على ضرورة أن تستمر الحياة عن طريق الشعر، وشعب يتواصل مع الشعر في عز الحرب.. شعب يعرف أن الشعر أهم سلاح لمقاومة الموت». ولدى سؤاله عمّ إذا كانت التظاهرة جزائرية، قال لنا ظريف «أنت تعرف كيف نعامل في الجزائر، الدليل هو إقصاء شاعر آخر من سعيدة اسمه مجذوب العيد من المشاركة، بسبب أن طلبه تم رفضه من طرف وزارة التربية، وحين اتصلت وزارة الثقافة السودانية بوزارة الثقافة الجزائرية كان الرد التالي.. ولماذا لم توجهوا الدعوة لنا نحن». وذهب رابح ظريف خلال المحادثة التي جمعتنا به أمس عبر «الفيسبوك» أبعد من هذا وقال إن «الشاعر في الجزائر معايرة.. تحس أن الشاعر في الجزائر كائن غريب، وأن البيئة هناك «أونتي» شعر.. أي ضد الشعر.. الشاعر يحس بالغربة والتهميش وحين يدعى للمشاركة في حدث يحس أن المسؤول تكرم عليه، لأنه ليس في حاجة إلى سماع الشعر كحاجة الشاعر إلى القراءة»، على حد تعبيره. من ناحية أخرى، سجلت التظاهرة حضور نخبة من الشعراء بلغ عددهم التسعة عشر، من بينهم العراقي عبد الرازق عبد الواحد والشيخ أبو شجة ومباركة بنت البراء من موريتانيا وأحمد بخيت وأحمد فؤاد نجم ومحمود محمد أمين من مصر، والشاعر التونسي المنصف المزغني، وخالد أبو حمدية وحميد سعد وعز الدين المناصرة من الأردن. ومن اليمن الشاعر شهاب غانم، والشاعرة الكويتية سعدية مفرح، ومن الجزائر الشاعر عرباوي مجدوب ورابح ظريف، بالإضافة إلى الشاعر شوقي بزيع من لبنان ومحمد الشيخ علي من سوريا وآخرون.